الكتمان تارة يكون بستر الشيء وإخفائه، وتارة أخرى بإزالته ووضع آخر مكانه، واليهود فعلوا في التوراة كليهما، فقد أخفوا حكم رجم الزاني، وأنكروا بشارة التوراة بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، وتعسفوا في تأويل ما ورد فيها من ذلك على وجه لا ينطبق على محمد عليه السلام، وكذلك فعلوا بالدلائل الدالة على نبوّة عيسى عليه السلام وزعموا أنها لغيره، وأنهم لا يزالون إلى الآن ينتظرونه، والبينات : هى الأدلة الواضحة الدالة على أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم وعلى الرجم، وتحويل القبلة، والهدى هو ضروب الإرشاد التي فيها، والكتاب يراد به الكتب المنزلة جميعا، واللعن : الإبعاد والطرد، ولعن اللّه الإبعاد من رحمته التي تشمل المؤمنين جميعا في الدنيا والآخرة، واللاعنون :
هم الملائكة والناس أجمعون، ولعنهم لهم دعاؤهم عليهم بالإبعاد من رحمة اللّه، تابوا :
أي رجعوا عن الكتمان، وأصلحوا : أي أصلحوا أعمالهم وأرشدوا قومهم إلى تلك الآيات البينات عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ودينه والهدي الذي جاء به، وبينوا : أي جاهروا بعملهم الصالح وأظهروه للناس حتى يمحوا عن أنفسهم سمة الكفر ويكونوا قدوة لغيرهم، خالدين : أي ما كثين في تلك اللعنة على طريق الدوام، ومتى خلد فيها فقد خلد فى عذاب النار الدائم، ينظرون : أي يمهلون.