المفردات في غريب القرآن، ص : ١١٦
إلى جهة لا يمكنه فيها الرمي فيتشاءم به، وجمعه بَوَارِح، وخصّ السّانح بالمقبل من جهة يمكن رميه، ويتيمّن به، والبَارِحَة : الليلة الماضية، وما بَرِحَ : ثبت في البراح، ومنه قوله عزّ وجلّ : لا أَبْرَحُ [الكهف / ٦٠]، وخصّ بالإثبات، كقولهم : لا أزال، لأنّ برح وزال اقتضيا معنى النفي، و«لا» للنفي، والنفيان يحصل من اجتماعهما إثبات، وعلى ذلك قوله عزّ وجل :
لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ [طه / ٩١]، وقال تعالى : لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ [الكهف / ٦٠]، ولمّا تصوّر من البارح معنى التشاؤم اشتق منه التَّبْرِيح والتَّبَارِيح فقيل : برّح بي الأمر، وبرّح بي فلان في التقاضي، وضربه ضربا مُبَرِّحاً، وجاء فلان بالبرح، و :
٤٧ -
أَبْرَحْتَ ربّا وأبرحت جارا
«١» أي : أكرمت، وقيل للرامي إذا أخطأ : برحى «٢» دعاء عليه، وإذا أصاب : مرحى، دعاء له، ولقيت منه البرَحِينَ «٣» والبُرَحَاء، أي :
الشدائد، وبُرَحَاء الحمّى : شدتها.
برد
أصل البرد خلاف الحر، فتارة يعتبر ذاته فيقال : بَرَدَ كذا، أي : اكتسب بردا، وبرد الماء كذا، أي : أكسبه بردا، نحو :
٤٨ -
ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا
«٤» ويقال : بَرَّدَهُ أيضا، وقيل : قد جاء أَبْرَدَ، وليس بصحيح «٥»، ومنه البَرَّادَة لما يبرّد الماء، ويقال : بَرَدَ كذا، إذا ثبت «٦» ثبوت البرد، واختصاص للثبوت بالبرد كاختصاص الحرارة بالحرّ، فيقال : بَرَدَ كذا، أي : ثبت، كما يقال :
بَرَدَ عليه دين. قال الشاعر :
٤٩ -
اليوم يوم بارد سمومه
«٧» وقال الآخر :
(١) هذا عجز بيت للأعشى وصدره :
تقول ابنتي حين جدّ الرحيل
وهو في ديوانه ص ٨٢، والأفعال ٤ / ٨٢، وجمهرة اللغة ١ / ٢١٨، والمجمل ١ / ١٢٣، وديوان الأدب ٢ / ٢٨٨.
(٢) انظر : المجمل ١ / ١٢٣.
(٣) البرحين : مثلّثة الباء، أي : الدواهي والشدائد، وانظر المستقصى ٢ / ١٨٤.
(٤) هذا عجز بيت لمالك بن الريب، وصدره :
وعطّل قلوصي في الركاب فإنها
وهو في المجمل ١ / ١٢٤، واللسان (برد)، وأساس البلاغة ص ١٩، وشمس العلوم ١ / ١٥٢.
(٥) قال ابن منظور : ولا يقال أبردته إلا في لغة رديئة.
(٦) انظر : الأفعال ٤ / ٧٩.
(٧) هذا شطر بيت وعجزه :
من جزع اليوم فلا تلومه
ولم ينسب، وهو في اللسان (برد)، والمجمل ١ / ١٠٤، والأفعال ٤ / ٧٩، والجمهرة ١ / ٢٤٠، وتهذيب اللغة ١٣ / ١٠٥. [.....]