المفردات في غريب القرآن، ص : ١٣١
لمن تختصه بالاطّلاع على باطن أمرك.
قال عزّ وجل : لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ [آل عمران / ١١٨] أي : مختصا بكم يستبطن أموركم، وذلك استعارة من بطانة الثوب، بدلالة قولهم : لبست فلانا : إذا اختصصته، وفلان شعاري ودثاري، وروي عنه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال :«ما بعث اللّه من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالخير وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشرّ وتحثّه عليه» «١».
والبِطان : حزام يشدّ على البطن، وجمعه :
أَبْطِنَة وبُطُن، والأَبْطَنَان : عرقان يمرّان على البطن.
والبُطين : نجم هو بطن الحمل، والتَبَطُّن :
دخول في باطن الأمر.
والظاهر والباطن في صفات اللّه تعالى : لا يقال إلا مزدوجين، كالأوّل والآخر «٢»، فالظاهر قيل : إشارة إلى معرفتنا البديهية، فإنّ الفطرة تقتضي في كلّ ما نظر إليه الإنسان أنه تعالى موجود، كما قال : وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ [الزخرف / ٨٤]، ولذلك قال بعض الحكماء : مثل طالب معرفته مثل من طوف في الآفاق في طلب ما هو معه.
والبَاطِن : إشارة إلى معرفته الحقيقية، وهي التي أشار إليها أبو بكر رضي اللّه عنه بقوله : يا من غاية معرفته القصور عن معرفته.
وقيل : ظاهر بآياته باطن بذاته، وقيل : ظاهر بأنّه محيط بالأشياء مدرك لها، باطن من أن يحاط به، كما قال عزّ وجل : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام / ١٠٣].
وقد روي عن أمير المؤمنين رضي اللّه عنه ما دلّ على تفسير اللفظتين حيث قال :(تجلّى لعباده من غير أن رأوه، وأراهم نفسه من غير أن تجلّى لهم). ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثاقب وعقل وافر.
وقوله تعالى : وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً [لقمان / ٢٠]. قيل : الظاهرة بالنبوّة الباطنة بالعقل، وقيل : الظاهرة : المحسوسات، والباطنة : المعقولات، وقيل : الظاهرة : النصرة على الأعداء بالناس، والباطنة : النصرة بالملائكة.
وكلّ ذلك يدخل في عموم الآية.
بطؤ
البُطْءُ : تأخر الانبعاث في السير، يقال : بَطُؤَ
(١) الحديث صحيح كما قال البغوي، وقد أخرجه النسائي ٧ / ١٥٨، وأحمد ٣ / ٢٣٧، والترمذي (٢٣٧٠) وقال :
حسن صحيح، وانظر : شرح السنة ١٠ / ٧٥.
(٢) راجع : المقصد الأسنى ص ١٠٦.