المفردات في غريب القرآن، ص : ١٣٣
عزّ وجلّ : فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ [البقرة / ٢٥٩]، وعلى هذا قوله عزّ وجلّ :
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ [الأنعام / ٦٠]، والنوم من جنس الموت فجعل التوفي فيهما، والبعث منهما سواء، وقوله عزّ وجلّ : وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ [التوبة / ٤٦]، أي : توجههم ومضيّهم.
بعثر
قال اللّه تعالى : وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ
[الانفطار / ٤]، أي : قلب ترابها وأثير ما فيها، ومن رأى تركيب الرباعي والخماسيّ من ثلاثيين نحو : تهلل وبسمل «١» : إذا قال : لا إله إلا اللّه وبسم اللّه يقول : إنّ بعثر مركّب من : بعث وأثير، وهذا لا يبعد في هذا الحرف، فإنّ البعثرة تتضمن معنى بعث وأثير.
بعد
البُعْد : ضد القرب، وليس لهما حدّ محدود، وإنما ذلك بحسب اعتبار المكان بغيره، يقال ذلك في المحسوس، وهو الأكثر، وفي المعقول نحو قوله تعالى : ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً
[النساء / ١٦٧]، وقوله عزّ وجلّ : أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [فصلت / ٤٤]، يقال : بعد : إذا تباعد، وهو بعيد، وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [هود / ٨٣]، وبَعِدَ : مات، والبعد أكثر ما يقال في الهلاك، نحو : بَعِدَتْ ثَمُودُ
[هود / ٩٥]، وقد قال النابغة :
٥٩ -
في الأدنى وفي البعد
«٢».
والبَعَدُ والبُعْدُ يقال فيه وفي ضد القرب، قال تعالى : فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [المؤمنون / ٤١]، فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [المؤمنون / ٤٤]، وقوله تعالى : بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ [سبأ / ٨]، أي : الضلال الذي يصعب الرجوع منه إلى الهدى تشبيها بمن ضلّ عن محجّة الطريق بعدا متناهيا، فلا يكاد يرجى له العود إليها، وقوله عزّ وجلّ : وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ [هود / ٨٩]، أي : تقاربونهم في الضلال، فلا يبعد أن يأتيكم ما أتاهم من العذاب.
(بَعْد) : يقال في مقابلة قبل، ونستوفي أنواعه في باب (قبل) إن شاء اللّه تعالى.
بعر
قال تعالى : وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ [يوسف / ٧٢]، البَعِير معروف، ويقع على الذكر

_
(١) وهذا يسمّى النحت، وانظر ص ٨٤٣.
(٢) تمام البيت :
فتلك تبلغني النعمان إنّ له فضلا على الناس في الأدنى وفي البعد
وهو للنابغة الذبياني من معلقته، انظر ديوانه ص ٣٣، وشرح المعلقات للنحاس ٢ / ١٦٦.


الصفحة التالية
Icon