المفردات في غريب القرآن، ص : ١٣٦
١٨٧]، وقال : بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً [الأنبياء / ٤٠]، وقال : تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً [يوسف / ١٠٧]، ويقال : بَغَتَ كذا فهو بَاغِت. قال الشاعر :
٦٢ -
إذا بغتت أشياء قد كان مثلها قديما فلا تعتدّها بغتات
«١»
بغض
البُغْض : نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه، وهو ضد الحبّ، فإنّ الحب انجذاب النفس إلى الشيء، الذي ترغب فيه. يقال :
بَغُضَ الشيء بُغْضاً وبَغَضْتُه «٢» بَغْضَاء. قال اللّه عزّ وجلّ : وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ [المائدة / ٦٤]، وقال : إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ [المائدة / ٩١]، وقوله عليه السلام :«إنّ اللّه تعالى يبغض الفاحش المتفحّش» «٣» فذكر بغضه له تنبيه على بعد فيضه وتوفيق إحسانه منه.
بغل
قال اللّه تعالى : وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ
[النحل / ٨]، والبَغْل : المتولّد من بين الحمار والفرس، وتَبَغَّلَ البعير : تشبّه به في سعة مشيه، وتصوّر منه عرامته وخبثه، فقيل في صفة النذل :
هو بغل.
بغي
البَغْي : طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرّى، تجاوزه أم لم يتجاوزه، فتارة يعتبر في القدر الذي هو الكمية، وتارة يعتبر في الوصف الذي هو الكيفية، يقال : بَغَيْتُ الشيء : إذا طلبت أكثر ما يجب، وابْتَغَيْتُ كذلك، قال اللّه عزّ وجل : لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ [التوبة / ٤٨]، وقال تعالى :
يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ [التوبة / ٤٧]. والبَغْيُ على ضربين :
- أحدهما محمود، وهو تجاوز العدل إلى الإحسان، والفرض إلى التطوع.
- والثاني مذموم، وهو تجاوز الحق إلى الباطل، أو تجاوزه إلى الشّبه، كما قال عليه الصلاة والسلام :«الحقّ بيّن والباطل بيّن، وبين ذلك أمور مشتبهات، ومن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه» «٤»، ولأنّ البغي قد يكون محمودا ومذموما، قال تعالى : إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي

_
(١) البيت لابن الرومي، وهو في الذريعة إلى مكارم الشريعة ص ١٧٢، وديوانه ١ / ٣٧٧ من قصيدة يعزّي فيها عبيد اللّه بن عبد اللّه عن والدته، والدر المصون ٣ / ٦٨٩ دون نسبة.
(٢) جاء بغضه عن ثعلب وحده.
(٣) الحديث أخرجه أحمد عن أسامة بن زيد والطبراني. راجع : مسند أحمد ٢ / ١٩٩، والمعجم الأوسط ١ / ٢٢١.
(٤) الحديث يروى عن النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول :«الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما مشبّهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه». وهذه الرواية الصحيحة، والحديث أخرجه البخاري في الإيمان (انظر فتح الباري ١ / ١١٦)، ومسلم في المساقاة رقم (١٥٩٩).


الصفحة التالية
Icon