المفردات في غريب القرآن، ص : ١٤٣
وسميت المفازة بلدا لكونها موطن الوحشيات، والمقبرة بلدا لكونها موطنا للأموات، والبَلْدَة منزل من منازل القمر، والبُلْدَة : البلجة ما بين الحاجبين تشبيها بالبلد لتمدّدها، وسميت الكركرة بلدة لذلك، وربما استعير ذلك لصدر الإنسان «١»، ولاعتبار الأثر قيل : بجلده بَلَدٌ، أي : أثر، وجمعه : أَبْلَاد، قال الشاعر :
٦٦ -
وفي النّحور كلوم ذات أبلاد
«٢» وأَبْلَدَ الرجل : صار ذا بلد، نحو : أنجد وأتهم «٣». وبَلِدَ : لزم البلد.
ولمّا كان اللازم لموطنه كثيرا ما يتحيّر إذا حصل في غير موطنه قيل للمتحيّر : بَلُدَ في أمره وأَبْلَدَ وتَبَلَّدَ، قال الشاعر :
٦٧ -
لا بدّ للمحزون أن يتبلّدا
«٤» ولكثرة وجود البلادة فيمن كان جلف البدن قيل : رجل أبلد، عبارة عن عظيم الخلق، وقوله تعالى : وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً [الأعراف / ٥٨]، كنايتان عن النفوس الطاهرة والنجسة فيما قيل «٥».
بلس
الإِبْلَاس : الحزن المعترض من شدة البأس، يقال : أَبْلَسَ، ومنه اشتق إبليس فيما قيل. قال عزّ وجلّ : وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ
[الروم / ١٢]، وقال تعالى :
أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ
[الأنعام / ٤٤]، وقال تعالى : وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ [الروم / ٤٩].
ولمّا كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل : أَبْلَسَ فلان : إذا سكت وإذا انقطعت حجّته، وأَبْلَسَتِ الناقة فهي مِبْلَاس : إذا
(١) يقال : فلان واسع البلدة، أي : واسع الصدر.
(٢) هذا عجز بيت للقطامي، وصدره :
ليست تجرّح فرّارا ظهورهم
وهو في اللسان (بلد)، وديوانه ص ١٢، والمشوف المعلم ١ / ١١٧، والبصائر ٢ / ٢٧٣، وإصلاح المنطق ص ٤١٠.
(٣) راجع : مادة (ألف).
(٤) البيت يروى :
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلّدا فقد غلب المحزون أن يتجلّدا
وهي في اللسان :(بلد)، ويروى :
لا بدّ للمصدور من أن يسعلا
وهو في اللسان :(صدر) ٤ / ٤٥ والبيت للأحوص، وهو في الأغاني ١٣ / ١٥٣، وديوانه ص ٩٨.
(٥) وهذا مروي عن ابن عباس وقتادة. راجع الدر المنثور ٣ / ٤٧٨.