المفردات في غريب القرآن، ص : ١٤٧
تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى [غافر / ٥٠].
بنَ
البَنَان : الأصابع، قيل : سمّيت بذلك لأنّ بها صلاح الأحوال التي يمكن للإنسان أن يبنّ بها، يريد : أن يقيم بها، ويقال : أَبَنَّ بالمكان يُبِنُّ «١»، ولذلك خصّ في قوله تعالى : بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ [القيامة / ٤]، وقوله تعالى :
وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ [الأنفال / ١٢]، خصّه لأجل أنهم بها تقاتل وتدافع، والبَنَّة :
الرائحة التي تبنّ بما تعلق به.
بنى
يقال : بَنَيْتُ أَبْنِي بِنَاءً وبِنْيَةً وبِنًى. قال عزّ وجلّ : وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً [النبأ / ١٢]. والبِنَاء : اسم لما يبنى بناء، قال تعالى :
لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ
[الزمر / ٢٠]، والبَنِيَّة يعبر بها عن بيت اللّه تعالى «٢». قال تعالى : وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ [الذاريات / ٤٧]، وَالسَّماءِ وَما بَناها [الشمس / ٥]، والبُنيان واحد لا جمع، لقوله تعالى : لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ [التوبة / ١١٠]، وقال : كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ [الصف / ٤]، قالُوا : ابْنُوا لَهُ بُنْياناً [الصافات / ٩٧]، وقال بعضهم : بُنْيَان جمع بُنْيَانَة، فهو مثل : شعير وشعيرة، وتمر وتمرة، ونخل ونخلة، وهذا النحو من الجمع يصح تذكيره وتأنيثه.
و(ابْنُ) أصله : بنو، لقولهم في الجمع :
أَبْنَاء، وفي التصغير : بُنَيّ، قال تعالى : يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ [يوسف / ٥]، يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [الصافات / ١٠٢]، يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ [لقمان / ١٣]، يا بنيّ لا تعبد الشيطان، وسماه بذلك لكونه بناء للأب، فإنّ الأب هو الذي بناه وجعله اللّه بناء في إيجاده، ويقال لكلّ ما يحصل من جهة شيء أو من تربيته، أو بتفقده أو كثرة خدمته له أو قيامه بأمره : هو ابنه، نحو : فلان ابن الحرب، وابن السبيل للمسافر، وابن الليل، وابن العلم، قال الشاعر :
٦٨ -
أولاك بنو خير وشرّ كليهما
«٣»

_
(١) قال السرقسطي : أبنّ بالمكان : أقام. راجع : الأفعال ٤ / ١٢٨.
(٢) العين ٨ / ٣٨٢.
(٣) هذا شطر بيت، وعجزه :
جميعا ومعروف ألمّ ومنكر
ونسبه الجاحظ للعتبي، واسمه محمد بن عبد اللّه وهو وهم ولم يعلّق عليه المحقق هارون، والبيت في الحيوان ٢ / ٨٩، [استدراك ] والصناعتين ص ٥٩.
والصحيح أنّ البيت لمسافع بن حذيفة العبسي، وهو في شرح الحماسة للتبريزي ٣ / ٢٤، والخزانة ٥ / ٧١، ومثلث البطليوسي ١ / ٣٤٠.


الصفحة التالية
Icon