المفردات في غريب القرآن، ص : ١٧٤
ما يوزن به أو يقدّر به يقال : هو ثَقِيل، وأصله في الأجسام ثم يقال في المعاني، نحو : أَثْقَلَه الغرم والوزر. قال اللّه تعالى : أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ
[الطور / ٤٠]، والثقيل في الإنسان يستعمل تارة في الذم، وهو أكثر في التعارف، وتارة في المدح نحو قول الشاعر :
٨١ -
تخفّ الأرض إذا ما زلت عنها وتبقى ما بقيت بها ثقيلا
٨٢ -
حللت بمستقر العزّ منها فتمنع جانبيها أن تميلا
«١» ويقال : في أذنه ثقل : إذا لم يجد سمعه، كما يقال : في أذنه خفّة : إذا جاد سمعه. كأنه يثقل عن قبول ما يلقى إليه، وقد يقال : ثَقُلَ القول إذا لم يطب سماعه، ولذلك قال في صفة يوم القيامة : ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأعراف / ١٨٧]، وقوله تعالى : وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها
[الزلزلة / ٢]، قيل : كنوزها، وقيل : ما تضمّنته من أجساد البشر عند الحشر والبعث، وقال تعالى : وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ [النحل / ٧]، أي : أحمالكم الثقيلة، وقال عزّ وجل : وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [العنكبوت / ١٣]، أي : آثامهم التي تثقلهم وتثبطهم عن الثواب، كقوله تعالى :
لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ [النحل / ٢٥]، وقوله عزّ وجل : انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا
[التوبة / ٤١]، قيل : شبّانا وشيوخا «٢»، وقيل : فقراء وأغنياء، وقيل : غرباء ومستوطنين، وقيل : نشّاطا وكسالى، وكلّ ذلك يدخل في عمومها، فإنّ القصد بالآية الحثّ على النفر على كل حال تصعّب أو تسهّل. والمِثْقَال : ما يوزن به، وهو من الثّقل، وذلك اسم لكل سنج قال تعالى : وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ [الأنبياء / ٤٧]، وقال تعالى : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة / ٧ - ٨]، وقوله تعالى : فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ [القارعة / ٦ - ٧]، فإشارة إلى كثرة الخيرات، وقوله تعالى : وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ [القارعة / ٨]، فإشارة إلى قلّة الخيرات.
والثقيل والخفيف يستعمل على وجهين :
أحدهما على سبيل المضايفة، وهو أن لا يقال لشيء ثقيل أو خفيف إلا باعتباره بغيره، ولهذا

_
(١) الأشطار الثلاثة الأولى لزهير بن أبي سلمى، والأخير لابنه كعب، ولها قصة انظرها في أمالي المرتضى ١ / ٩٧.
وهما في ديوان زهير ص ٧١، وبصائر ذوي التمييز ١ / ٣٣٤.
(٢) راجع في تفسير الآية الدر المنثور ٤ / ٢٠٨.


الصفحة التالية
Icon