المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٠٣
كذا، وجمالك، أي : أجمل، واعتبر منه معنى الكثرة، فقيل لكلّ جماعة غير منفصلة : جُمْلَة، ومنه قيل للحساب الذي لم يفصّل والكلام الذي لم يبيّن : مُجْمَل، وقد أجملت الحساب، وأجملت في الكلام. قال تعالى : وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً
[الفرقان / ٣٢]، أي : مجتمعا لا كما أنزل نجوما مفترقة. وقول الفقهاء : المُجْمَل : ما يحتاج إلى بيان، فليس بحدّ له ولا تفسير، وإنما هو ذكر بعض أحوال الناس معه، والشيء يجب أن تبيّن صفته في نفسه التي بها يتميز، وحقيقة المجمل :
هو المشتمل على جملة أشياء كثيرة غير ملخّصة.
والجَمَلُ يقال للبعير إذا بزل «١»، وجمعه جِمَال وأَجْمَال وجِمَالة قال اللّه تعالى : حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ [الأعراف / ٤٠]، وقوله :
جِمالَتٌ صُفْرٌ
«٢» [المرسلات / ٣٣]، جمع جِمَالة، والجِمَالَة جمع جَمَل، وقرئ :
جمالات «٣» بالضم، وقيل : هي القلوص، والجَامِل : قطعة من الإبل معها راعيها، كالباقر، وقولهم : اتّخذ الليل جملا «٤» فاستعارة، كقولهم : ركب الليل، وتسمية الجمل بذلك يجوز أن يكون لما قد أشار إليه بقوله : وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ [النحل / ٦]، لأنهم كانوا يعدّون ذلك جمالا لهم. وجَمَلْتُ الشحم : أذبته، والجَمِيل : الشحم المذاب، والاجتمال :
الادهان به، وقالت امرأة لبنتها : تَجَمَّلِي وتعفّفي «٥»، أي : كلي الجميل، واشربي العفافة «٦».
جنَ
أصل الجِنِّ : ستر الشيء عن الحاسة، يقال :
جَنَّه الليل وأَجَنَّهُ وجَنَّ عليه، فَجَنَّهُ : ستره، وأَجَنَّه جعل له ما يجنّه، كقولك : قبرته وأقبرته، وسقيته وأسقيته، وجَنَّ عليه كذا : ستر عليه، قال عزّ وجل : فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً [الأنعام / ٧٦]، والجَنَان : القلب، لكونه مستورا عن الحاسة، والمِجَنُّ والمِجَنَّة : الترس الذي يجنّ صاحبه. قال عزّ وجل : اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً
[المجادلة / ١٦]، وفي الحديث :
«الصّوم جنّة» «٧».
(١) بزل البعير يبزل : فطر نابه أي : انشق.
(٢) وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب بخلفه وشعبة عن عاصم، وقرأ حفص وحمزة والكسائي وخلف : جمالة.
(٣) وبها قرأ رويس عن يعقوب، وهي قراءة صحيحة متواترة. راجع : الإتحاف ص ٤٣٠.
(٤) انظر : أساس البلاغة ص ٦٤.
(٥) راجع : المجمل لابن فارس ١ / ١٩٨.
(٦) العفافة : وهو ما بقي في الضرع من اللبن.
(٧) الحديث يروى :«الصيام جنّة» وهو صحيح متفق عليه. وأخرجه مالك في الموطأ، باب جامع الصيام، انظر : تنوير الحوالك ١ / ٢٨٧، وفتح الباري ٤ / ٨٧، ومسلم رقم (١١٥١)، وانظر : شرح السنة للبغوي ٦ / ٢٢٥. [.....]