المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٠٤
والجَنَّةُ : كلّ بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض، قال عزّ وجل : لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ [سبأ / ١٥]، وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ [سبأ / ١٦]، وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ [الكهف / ٣٩]، قيل : وقد تسمى الأشجار الساترة جَنَّة، وعلى ذلك حمل قول الشاعر :
٩٨ -
من النّواضح تسقي جنّة سحقا
«١» وسميت الجنّة إمّا تشبيها بالجنّة في الأرض - وإن كان بينهما بون -، وإمّا لستره نعمها عنّا المشار إليها بقوله تعالى : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة / ١٧]. قال ابن عباس رضي اللّه عنه : إنما قال :
جَنَّاتٍ
«٢» بلفظ الجمع لكون الجنان سبعا :
جنة الفردوس، وعدن، وجنة النعيم، ودار الخلد، وجنة المأوى، ودار السلام، وعليّين.
والجنين : الولد ما دام في بطن أمه، وجمعه :
أَجِنَّة. قال تعالى : وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ [النجم / ٣٢]، وذلك فعيل في معنى مفعول، والجنين القبر «٣»، وذلك فعيل في معنى فاعل. والجِنّ يقال على وجهين : أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الإنس، فعلى هذا تدخل فيه الملائكة والشياطين، فكلّ ملائكة جنّ، وليس كلّ جنّ ملائكة، وعلى هذا قال أبو صالح «٤» : الملائكة كلها جنّ، وقيل : بل الجن بعض الروحانيين، وذلك أنّ الروحانيين ثلاثة :
- أخيار : وهم الملائكة.
- وأشرار : وهم الشياطين.
- وأوساط فيهم أخيار وأشرار : وهم الجن، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ إلى قوله : وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ [الجن / ١ - ١٤].
والجِنَّة : جماعة الجن. قال تعالى : مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس / ٦]، وقال تعالى :
وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً [الصافات / ١٥٨]. والجِنَّة : الجنون، وقال تعالى :
(١) هذا عجز بيت، وصدره :
كأنّ عينيّ في غربي مقتّلة
وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٤٠، والمجمل ١ / ١٧٥.
(٢) وذلك في قوله تعالى : كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا الكهف : ١٠٧.
(٣) قال ابن فارس : والجنين : المقبور، وكذا في اللسان، والجنن : القبر لستره الميت.
(٤) عبد اللّه بن صالح، أبو صالح المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة، شيخ الكلبي، يروي عن ابن عباس، وفيه ضعف. مات سنة ١٢٢ ه. انظر : تقريب التهذيب ص ٣٠٨.