المفردات في غريب القرآن، ص : ٢١٩
النحر، ويوم عرفة، وروي :«العمرة الحجّ الأصغر» «١».
والحُجَّة : الدلالة المبيّنة للمحجّة، أي :
المقصد المستقيم الذي يقتضي صحة أحد النقيضين. قال تعالى : قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ [الأنعام / ١٤٩]، وقال : لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا [البقرة / ١٥٠]، فجعل ما يحتجّ بها الذين ظلموا مستثنى من الحجة وإن لم يكن حجة، وذلك كقول الشاعر :
١٠٤ -
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم بهنّ فلول من قراع الكتائب
«٢» ويجوز أنّه سمّى ما يحتجون به حجة، كقوله تعالى : وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
[الشورى / ١٦]، فسمّى الداحضة حجّة، وقوله تعالى : لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ [الشورى / ١٥]، أي : لا احتجاج لظهور البيان، والمُحاجَّة : أن يطلب كلّ واحد أن يردّ الآخر عن حجّته ومحجّته، قال تعالى : وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ : أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ [الأنعام / ٨٠]، فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ [آل عمران / ٦١]، وقال تعالى : لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ [آل عمران / ٦٥]، وقال تعالى : ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [آل عمران / ٦٦]، وقال تعالى : وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ [غافر / ٤٧]، وسمّي سبر الجراحة حجّا، قال الشاعر :
١٠٥ -
يحجّ مأمومة في قعرها لجف
«٣»
حجب
الحَجْب والحِجَاب : المنع من الوصول، يقال : حَجَبَه حَجْباً وحِجَاباً، وحِجَاب الجوف :
ما يحجب عن الفؤاد، وقوله تعالى : وَبَيْنَهُما حِجابٌ [الأعراف / ٤٦]، ليس يعني به ما يحجب البصر، وإنما يعني ما يمنع من وصول لذّة أهل الجنّة إلى أهل النّار، وأذيّة أهل النّار إلى أهل الجنّة، كقوله عزّ وجل : فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ [الحديد / ١٣]، وقال عزّ وجل :
(١) هذا مروي عن ابن عباس، وأخرجه عنه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم قال : العمرة الحجة الصغرى.
وأخرج الشافعي في الأم عن عبد اللّه بن أبي بكر أنّ في الكتاب الذي كتبه رسول اللّه لعمرو بن حزم :«إنّ العمرة هي الحج الأصغر» راجع : الدر المنثور ١ / ٥٠٤ - ٥٠٥، وأخرجه ابن أبي شيبة ٣ / ١٥٨.
(٢) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة له يمدح عمرو بن الحارث الأصغر وهو في ديوانه ص ١١، والبصائر ٢ / ٤٣٢.
(٣) الشطر لعذار بن درة الطائي، وعجزه :
فاست الطبيب قذاها كالمغاريد
وهو في المجمل ١ / ٢٢١، والمعاني الكبير ٢ / ٩٧٧، واللسان :(حجّ).