المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٣٠
تعالى : إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ [الأعراف / ٥٠]، والمُحرَّم بالشرع : كتحريم بيع الطعام بالطعام متفاضلا، وقوله عزّ وجلّ : وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ [البقرة / ٨٥]، فهذا كان محرّما عليهم بحكم شرعهم، ونحو قوله تعالى : قُلْ : لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ...
الآية [الأنعام / ١٤٥]، وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [الأنعام / ١٤٦]، وسوط مُحَرَّم : لم يدبغ جلده، كأنه لم يحلّ بالدباغ الذي اقتضاه قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم :«أيّما إهاب دبغ فقد طهر» «١».
وقيل : بل المحرّم الذي لم يليّن، والحَرَمُ : سمّي بذلك لتحريم اللّه تعالى فيه كثيرا مما ليس بمحرّم في غيره من المواضع «٢».
وكذلك الشهر الحرام، وقيل : رجل حَرَام وحلال، ومحلّ ومُحْرِم، قال اللّه تعالى : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ [التحريم / ١]، أي : لم تحكم بتحريم ذلك؟ وكلّ تحريم ليس من قبل اللّه تعالى فليس بشيء، نحو : وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها [الأنعام / ١٣٨]، وقوله تعالى : بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
[الواقعة / ٦٧]، أي : ممنوعون من جهة الجدّ، وقوله : لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
[الذاريات / ١٩]، أي : الذي لم يوسّع عليه الرزق كما وسّع على غيره. ومن قال : أراد به الكلب «٣»، فلم يعن أنّ ذلك اسم الكلب كما ظنّه بعض من ردّ عليه، وإنما ذلك منه ضرب مثال بشيء، لأنّ الكلب كثيرا ما يحرمه الناس، أي : يمنعونه. والمَحْرَمَة والمَحْرُمَة والحُرْمَة، واستحرمت الماعز كناية عن إرادتها الفحل.
حرى
حَرَى الشيء يحري، أي : قصد حراه، أي :
جانبه، وتَحَرَّاه كذلك، قال تعالى : فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً [الجن / ١٤]، وحَرَى الشيء يحري :
نقص «٤»، كأنه لزم الحرى ولم يمتد، قال الشاعر :
١١٠ -
والمرء بعد تمامه يحري
«٥»
(١) الحديث أخرجه الدار قطني في سننه عن ابن عمر ١ / ٤٨ وقال : إسناده حسن. وأخرجه أحمد ١ / ٢١٩ والنسائي ٧ / ١٧٣ وابن ماجة برقم ٣٦٠٩.
(٢) راجع أحكام الحرم في الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٤٣٨، وتحفة الراكع الساجد ص ٧٦.
(٣) روي أنّ عمر بن عبد العزيز كان في طريق مكة، فجاء كلب فانتزع عمر رحمه اللّه كتف شاة فرمى بها إليه، وقال :
يقولون إنه المحروم. راجع : تفسير القرطبي ١٧ / ٣٩، وانظر غرائب التفسير ٢ / ١١٤٠.
(٤) انظر : الأفعال ١ / ٤٢١.
(٥) هذا عجز بيت، وشطره :
حتى كأني خاتل قنصا
[استدراك ] وهو لسلمى بن عويّة الضبي في مجالس ثعلب ١ / ٢٤٦، وهو في الفائق ١ / ٢٧٥ بدون نسبة، وغريب الخطابي ٢ / ٥٠ دون نسبة من المحقق.