المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٣٢
عن القتل، فقيل : حَسَسْتُه «١»، أي : قتلته. قال تعالى : إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ [آل عمران / ١٥٢]، والحَسِيس : القتيل، ومنه : جراد مَحْسُوس : إذا طبخ «٢»، وقولهم : البرد محسَّة للنبت «٣»، وانحسّت أسنانه : انفعال منه، فأمّا حَسِسْتُ فنحو علمت وفهمت، لكن لا يقال ذلك إلا فيما كان من جهة الحاسة، فأمّا حَسَيْتُ فبقلب إحدى السينين ياء.
وأمّا أَحْسَسْتُهُ فحقيقته : أدركته بحاستي، وأحست مثله، لكن حذفت إحدى السينين تخفيفا نحو : ظلت، وقوله تعالى : فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ [آل عمران / ٥٢]، فتنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحسّ فضلا عن الفهم، وكذا قوله تعالى : فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ [الأنبياء / ١٢]، وقوله تعالى : هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ [مريم / ٩٨]، أي : هل تجد بحاستك أحدا منهم؟ وعبّر عن الحركة بالحسيس والحسّ، قال تعالى :
لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها [الأنبياء / ١٠٢]، والحُسَاس : عبارة عن سوء الخلق «٤»، وجعل على بناء زكام وسعال.
حسب
الحساب : استعمال العدد، يقال : حَسَبْتُ «٥» أَحْسُبُ حِسَاباً وحُسْبَاناً، قال تعالى : لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ [يونس / ٥]، وقال تعالى : وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً [الأنعام / ٩٦]، وقيل : لا يعلم حسبانه إلا اللّه، وقال عزّ وجل : وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ [الكهف / ٤٠]، قيل : معناه :
نارا، وعذابا «٦»، وإنما هو في الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه، وفي الحديث أنه قال صلّى اللّه عليه وسلم في الريح :«اللهمّ لا تجعلها عذابا ولا حسبانا» «٧»، قال تعالى : فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً [الطلاق / ٨]، إشارة إلى نحو ما روي :«من نوقش الحساب عذّب» «٨»، وقال تعالى : اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ [الأنبياء / ١]،

_
(١) انظر : البصائر ٢ / ٤٥٩.
(٢) في اللسان : وجراد محسوس : إذا مسّته النار أو قتلته.
(٣) أي : يحسّه ويحرقه. انظر : اللسان (حسّ)، والمجمل ١ / ٢١٢.
(٤) انظر : المجمل ١ / ٢١٢. [.....]
(٥) في الأفعال ١ / ٣٦٤ : حسب بفتح السين وكسرها وضمها.
(٦) وهذا مروي عن ابن عباس. انظر : الدر المنثور ٥ / ٣٩٤.
(٧) الحديث في النهاية من حديث يحيى بن يعمر كان إذا هبت الريح يقول :(لا تجعلها حسبانا أي : عذابا). وأخرجه الطبراني في الكبير مرفوعا :«اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا». انظر : نزل الأبرار ص ٢٩٨، والنهاية ١ / ٣٨٣.
(٨) الحديث صحيح، أخرجه أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي، عن عائشة قالت : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :
«ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك»، فقلت : يا رسول اللّه، أليس قد قال اللّه تعالى : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً؟ فقال رسول اللّه :«إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب إلا عذّب». انظر : المسند ٦ / ٩١، وفتح الباري، كتاب الرقاق ١١ / ٤٠، ومسلم برقم ٢٨٧٦.


الصفحة التالية
Icon