المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٤٩
١٢١ -
فاحكم كحكم فتاة الحيّ إذا نظرت إلى حمام سراع وارد الثّمد
«١» والثّمد : الماء القليل، وقيل معناه : كن حكيما.
وقال عزّ وجلّ : أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ [المائدة / ٥٠]، وقال تعالى : وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة / ٥٠]، ويقال : حَاكِم وحُكَّام لمن يحكم بين الناس، قال اللّه تعالى : وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ [البقرة / ١٨٨]، والحَكَمُ : المتخصص بذلك، فهو أبلغ. قال اللّه تعالى : أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً [الأنعام / ١١٤]، وقال عزّ وجلّ :
فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها [النساء / ٣٥]، وإنما قال : حَكَماً ولم يقل : حاكما، تنبيها أنّ من شرط الحكمين أن يتوليا الحكم عليهم ولهم حسب ما يستصوبانه من غير مراجعة إليهم في تفصيل ذلك، ويقال الحكم للواحد والجمع، وتحاكمنا إلى الحاكم.
قال تعالى : يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ [النساء / ٦٠]، وحَكَّمْتُ فلانا، قال تعالى : حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء / ٦٥]، فإذا قيل : حكم بالباطل، فمعناه :
أجرى الباطل مجرى الحكم. والحِكْمَةُ : إصابة الحق بالعلم والعقل، فالحكمة من اللّه تعالى :
معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الإنسان : معرفة الموجودات وفعل الخيرات.
وهذا هو الذي وصف به لقمان في قوله عزّ وجلّ : وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ [لقمان / ١٢]، ونبّه على جملتها بما وصفه بها، فإذا قيل في اللّه تعالى : هو حَكِيم «٢»، فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به غيره، ومن هذا الوجه قال اللّه تعالى : أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ [التين / ٨]، وإذا وصف به القرآن فلتضمنه الحكمة، نحو : الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [يونس / ١]، وعلى ذلك قال : وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ [القمر / ٤ - ٥]، وقيل : معنى الحكيم المحكم «٣»، نحو : أُحْكِمَتْ آياتُهُ [هود / ١]، وكلاهما صحيح، فإنه محكم ومفيد للحكم، ففيه المعنيان جميعا، والحكم أعمّ من الحكمة، فكلّ حكمة حكم، وليس كل حكم حكمة، فإنّ الحكم أن يقضى بشيء على شيء، فيقول : هو كذا أو ليس بكذا، قال صلّى اللّه عليه وسلم :«إنّ من الشّعر
(١) البيت للنابغة الذبياني من معلّقته، وهو في ديوانه ص ٣٤، وشرح المعلّقات للنحاس ٢ / ١٦٨، والبصائر ٢ / ٤٩١، واللسان (حكم).
(٢) راجع : الأسماء والصفات ص ٣٨.
(٣) انظر المدخل لعلم التفسير ص ٢٧٣.