المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٥١
فالمحكم : ما لا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى. والمتشابه على أضرب تذكر في بابه إن شاء اللّه «١». وفي الحديث :«إنّ الجنّة للمُحَكِّمِين» «٢» قيل : هم قوم خيّروا بين أن يقتلوا مسلمين وبين أن يرتدّوا فاختاروا القتل «٣». وقيل : عنى المتخصّصين بالحكمة.
حلَ
أصل الحَلّ : حلّ العقدة، ومنه قوله عزّ وجلّ : وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي
[طه / ٢٧]، وحَللْتُ : نزلت، أصله من حلّ الأحمال عند النزول، ثم جرّد استعماله للنزول، فقيل :
حَلَّ حُلُولًا، وأَحَلَّهُ غيره، قال عزّ وجلّ : أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ [الرعد / ٣١]، وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ [إبراهيم / ٢٨]، ويقال : حَلَّ الدّين : وجب «٤» أداؤه، والحِلَّة :
القوم النازلون، وحيّ حِلَال مثله، والمَحَلَّة :
مكان النزول، وعن حلّ العقدة استعير قولهم :
حَلَّ الشيء حلالًا، قال اللّه تعالى : وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً [المائدة / ٨٨]، وقال تعالى : هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ [النحل / ١١٦]، ومن الحُلُول أَحَلَّت الشاة : نزل اللبن في ضرعها «٥»، وقال تعالى : حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة / ١٩٦]، وأَحَلَّ اللّه كذا، قال تعالى : أُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ [الحج / ٣٠]، وقال تعالى : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ...
الآية [الأحزاب / ٥٠]، فإِحْلَال الأزواج هو في الوقت، لكونهنّ تحته، وإحلال بنات العم وما بعدهنّ إحلال التزوج بهنّ «٦»، وبلغ الأجل محلّه، ورجل حَلالٌ ومُحِلُّ : إذا خرج من الإحرام، أو خرج من الحرم، قال عزّ وجلّ :
وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا [المائدة / ٢]، وقال تعالى : وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ
[البلد / ٢]، أي : حلال، وقوله عزّ وجلّ : قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ
[التحريم / ٢]، أي : بيّن ما تَنْحَلُّ به عقدة أيمانكم من الكفّارة، وروي :
«لا يموت للرجل ثلاثة من الأولاد فتمسّه النّار إلا تحلّة القسم» «٧» أي : قدر ما يقول إن شاء اللّه تعالى، وعلى هذا قول الشاعر :
(١) انظر : باب (شبه).
(٢) الحديث في النهاية ١ / ٤١٩، والفائق ١ / ٣٠٣.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٥ / ٢٦٥ عن مجاهد.
(٤) انظر : المجمل ١ / ٢١٧، والبصائر ٢ / ٤٩٣.
(٥) انظر : المجمل ١ / ٢١٨، والبصائر ٢ / ٤٩٣.
(٦) وهذا منقول في البصائر ١ / ٤٩٣.
(٧) الحديث أخرجه البخاري في الأيمان والنذور ١١ / ٤٧٢، ومسلم في البر والصلة (٢٦٣٢)، وانظر : شرح السنة ٥ / ٤٥١، وهو في الموطأ كتاب الجنائز، بشرح الزرقاني ٢ / ٧٥.