المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٦١
تعالى : لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا
[الإسراء / ٦٢]، يجوز أن يكون من قولهم : حَنَكْتُ الدّابّة :
أصبت حنكها باللّجام والرّسن، فيكون نحو قولك : لألجمنّ فلانا ولأرسننّه «١»، ويجوز أن يكون من قولهم احتنك الجراد الأرض، أي :
استولى بحنكه عليها، فأكلها واستأصلها، فيكون معناه : لأستولينّ عليهم استيلاءه على ذلك، وفلان حَنَّكَه الدّهر واحتنكه، كقولهم : نجّذه، وقرع سنّه، وافترّه «٢»، ونحو ذلك من الاستعارات في التّجربة «٣».
حوب
الحُوبُ : الإثم، قال عزّ وجلّ : إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [النساء / ٢]، والحَوْبُ المصدر منه، وروي :(طلاق أمّ أيّوب حوب) «٤»، وتسميته بذلك لكونه مزجورا عنه، من قولهم : حَابَ حُوباً وحَوْباً وحِيَابَةً، والأصل فيه حوب لزجر الإبل، وفلان يَتَحَوَّبُ من كذا، أي : يتأثّم، وقولهم :
ألحق اللّه به الحَوْبَةَ «٥»، أي : المسكنة والحاجة.
وحقيقتها : هي الحاجة التي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم، وقيل : بات فلان بِحَيْبَةِ سوء «٦».
والحَوْبَاء قيل هي النّفس«٧»
، وحقيقتها هي النّفس المرتكبة للحوب، وهي الموصوفة بقوله تعالى :
إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف / ٥٣].
حوت
قال اللّه تعالى : نَسِيا حُوتَهُما
[الكهف / ٦١]، وقال تعالى : فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ [الصافات / ١٤٢]، وهو السّمك العظيم، إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً
[الأعراف / ١٦٣]، وقيل : حاوتني فلان، أي : راوغني مراوغة الحوت.
حيد
قال عزّ وجلّ : ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ
[ق / ١٩] أي : تعدل عنه وتنفر منه.

_
(١) انظر : البصائر ٢ / ٥٠٥.
(٢) يقال للشيخ : قد علته كبرة وعرته فترة. انظر : اللسان :(فتر)، وأساس البلاغة ص ٣٣٣. [.....]
(٣) قال ابن الأعرابي : جرّذه الدهر، ودلكه ورعسه وحنّكه، وعركه ونجّذه بمعنى واحد. وقال قدامة بن جعفر : ويقال :
قد عجمته الخطوب، وجذّعته الحروب، ونجّذته الأمور، وهذّبته الدهور، ودرّبته العصور، وحنّكته التجارب، راجع : جواهر الألفاظ ص ٣٣٤، واللسان (حنك).
(٤) الحديث عن ابن عباس أنّ أبا أيوب طلّق امرأته، فقال له النّبي صلّى اللّه عليه وسلم :«إنّ طلاق أم أيوب كان حوبا». أخرجه الطبراني، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو ضعيف، انظر : مجمع الزوائد : باب فضائل أم أيوب ٩ / ٢٦٥.
قال ابن سيرين : الحوب : الإثم.
(٥) انظر : المجمل ١ / ٢٥٥.
(٦) انظر : اللسان (حوب) ١ / ٣٣٩، والمجمل ١ / ٢٥٥.
(٧) انظر الغريب المصنف ورقة ٨ نسخة الظاهرية.


الصفحة التالية
Icon