المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٦٦
٦٨]، تنبيها أنّ الصّبر التّامّ إنّما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء، وذلك صعب إلّا بفيض إلهيّ.
وقوله عزّ وجلّ : وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ [يونس / ٢٢]، فذلك إحاطة بالقدرة، وكذلك قوله عزّ وجلّ : وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها [الفتح / ٢١]، وعلى ذلك قوله :
إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ [هود / ٨٤].
حيف
الحَيْفُ : الميل في الحكم والجنوح إلى أحد الجانبين، قال اللّه تعالى : أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
[النور / ٥٠]، أي : يخافون أن يجور في حكمه. ويقال تَحَيَّفْتُ الشيء أخذته من جوانبه «١».
حاق
قوله تعالى : وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ
[هود / ٨]. قال عزّ وجلّ : وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
[فاطر / ٤٣]، أي : لا ينزل ولا يصيب، قيل : وأصله حقّ فقلب، نحو : زلّ وزال، وقد قرئ : فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ [البقرة / ٣٦]، وأزالهما «٢» وعلى هذا : ذمّه وذامه.
حول
أصل الحَوْل تغيّر الشيء وانفصاله عن غيره، وباعتبار التّغيّر قيل : حَالَ الشيء يَحُولُ حُؤُولًا، واستحال : تهيّأ لأن يحول، وباعتبار الانفصال قيل : حَالَ بيني وبينك كذا، وقوله تعالى :
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال / ٢٤]، فإشارة إلى ما قيل في وصفه :(يا مقلّب القلوب والأبصار) «٣»، وهو أن يلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك، وقيل : على ذلك وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ
[سبأ / ٥٤]، وقال بعضهم في قوله :
يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال / ٢٤]، هو أن يهلكه، أو يردّه إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا «٤»، وحَوَّلْتُ الشيء فَتَحَوَّلَ :
غيّرته، إمّا بالذات، وإمّا بالحكم والقول، ومنه :
أَحَلْتُ على فلان بالدّين. وقولك : حوّلت الكتاب هو أن تنقل صورة ما فيه إلى غيره من غير إزالة الصّورة الأولى، وفي المثل «٥» : لو كان ذا حيلة لتحوّل، وقوله عزّ وجلّ : لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا
[الكهف / ١٠٨]، أي : تحوّلا.
والحَوْلُ : السّنة، اعتبارا بانقلابها ودوران الشّمس في مطالعها ومغاربها، قال اللّه تعالى :
(١) انظر : المجمل ١ / ٢٥٩.
(٢) وبها قرأ حمزة. انظر : الإتحاف ١٣٤.
(٣) الحديث عن أنس قال : كان النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم يكثر أن يقول : يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك. أخرجه أحمد ٣ / ١١٢.
(٤) انظر غرائب التفسير وعجائب التأويل ١ / ٤٣٨.
(٥) الأمثال لأبي عبيد ص ٣٣٧، ومجمع الأمثال ٢ / ١٧٥.