المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٩٦
المرأة لتخلّفها عن المرتحلين، وجمعها خَوَالِف، قال : رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ [التوبة / ٨٧]، ووجدت الحيّ خَلُوفاً، أي :
تخلّفت نساؤهم عن رجالهم، والخلف : حدّ الفأس الذي يكون إلى جهة الخلف، وما تخلّف من الأضلاع إلى ما يلي البطن، والخِلَافُ :
شجر كأنّه سمّي بذلك لأنّه فيما يظنّ به، أو لأنّه يخلف مخبره منظره، ويقال للجمل بعد بزوله :
مخلف عام، ومخلف عامين. وقال عمر رضي اللّه عنه :(لولا الخِلِّيفَى لأذّنت) «١» أي :
الخلافة، وهو مصدر خلف.
خلق
الخَلْقُ أصله : التقدير المستقيم، ويستعمل في إبداع الشّيء من غير أصل ولا احتذاء، قال : خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
[الأنعام / ١]، أي : أبدعهما، بدلالة قوله : بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [البقرة / ١١٧]، ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو :
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ [النساء / ١]، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ [النحل / ٤]، خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ [المؤمنون / ١٢]، وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ [الأعراف / ١١]، خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ [الرحمن / ١٥]، وليس الخَلْقُ الذي هو الإبداع إلّا للّه تعالى، ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره : أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ
[النحل / ١٧]، وأمّا الذي يكون بالاستحالة، فقد جعله اللّه تعالى لغيره في بعض الأحوال، كعيسى حيث قال :
وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي [المائدة / ١١٠]، والخلق لا يستعمل في كافّة النّاس إلا على وجهين : أحدهما في معنى التّقدير كقول الشاعر :
١٤٩ -
فلأنت تفري ما خلقت وبع ض القوم يخلق ثمّ لا يفري «٢»
والثاني : في الكذب نحو قوله : وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً
[العنكبوت / ١٧]، إن قيل : قوله تعالى :
فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ
[المؤمنون / ١٤]، يدلّ على أنّه يصحّ أن يوصف غيره بالخلق؟ قيل : إنّ ذلك معناه : أحسن المقدّرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون
(١) قال ابن الأثير في النهاية : وفي حديث عمر :(لو أطقت الأذان مع الخلّيفى لأذّنت).
الخلّيفى بالكسر والتشديد : الخلافة، وهو وأمثاله مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتهاده في ضبط أمور الخلافة، وتصريف أعنّتها. النهاية ٢ / ٦٩، ورواه أبو الشيخ في الأذان والبيهقي، راجع : المقاصد الحسنة ص ٣٤٨.
(٢) البيت لزهير من قصيدة مطلعها :
لمن الديار بقنّة الحجر أقوين من حجج ومن شهر
وهو في ديوانه ص ٢٩، وديوان الأدب ٢ / ١٢٣.