المفردات في غريب القرآن، ص : ٣١٣
يصلح به الشّعر، قال تعالى : لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً
[الطلاق / ١]، وقال :
وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ [الأنبياء / ١١١]، وقال : ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ [الشورى / ٥٢]، وكلّ موضع ذكر في القرآن وَما أَدْراكَ
، فقد عقّب ببيانه «١»، نحو وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ [القارعة / ١٠ - ١١]، وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ [القدر / ٢ - ٣]، وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة / ٣]، ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ [الانفطار / ١٨]، وقوله : قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ [يونس / ١٦]، من قولهم : دريت، ولو كان من درأت لقيل : ولا أدرأتكموه. وكلّ موضع ذكر فيه : وَما يُدْرِيكَ لم يعقّبه بذلك، نحو : وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى [عبس / ٣٠]، وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ
[الشورى / ١٧]، والدّراية لا تستعمل في اللّه تعالى، وقول الشاعر :
١٥٧ -
لا همّ لا أدري وأنت الدّاري
«٢» فمن تعجرف أجلاف العرب «٣».
درأ
الدَّرْءُ : الميل إلى أحد الجانبين، يقال :
قوّمت دَرْأَهُ، ودَرَأْتُ عنه : دفعت عن جانبه، وفلان ذو تَدَرُّؤٍ، أي : قويّ على دفع أعدائه، ودَارَأْتُهُ : دافعته. قال تعالى : وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
[الرعد / ٢٢]، وقال : وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ [النور / ٨]، وفي الحديث :
«ادْرَءُوا الحدود بالشّبهات» «٤» تنبيها على تطلّب
(١) راجع : الإتقان للسيوطي ١ / ١٩٠، وقد نقل هذه القاعدة عن المؤلف ونسبها إليه، وذكرها قبله المبرد في ما اتفق لفظه ص ٧٣.
(٢) هذا شطر بيت، وعجزه :
كلّ امرئ منك على مقدار
وهو في اللسان (درى)، والصحاح (درى)، والبصائر ٢ / ٩٧ بلا نسبة، وهو للعجاج في ديوانه ص ٢٦، والممتع في التصريف لابن عصفور ١ / ٢٩، وتذكرة النحاة لأبي حيان ص ٥٤٠، وهذا الكلام ذكره المؤلف في الذريعة ص ٨٢.
(٣) وذلك لأن أسماء اللّه توقيفية - أي : يتوقف في إثباتها على الشارع - فلا يصح أن نسمي اللّه اسما لم يسمّ به نفسه، أو لم يأت في السنة.
(٤) الحديث أخرجه الحارثي في مسند أبي حنيفة له عن ابن عباس مرفوعا، وأبو سعد السمعاني في ذيل تاريخ بغداد، وفي سنده من لا يعرف.
وعند الترمذي عن عائشة قال رسول اللّه :«ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم» وفيه يزيد بن زياد ضعيف، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٤ / ٣٨٤ وقال : صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي فقال يزيد بن زياد قال فيه النسائي :
متروك. وعند الدارقطني عن علي رفعه :«ادرؤوا الحدود، ولا ينبغي للإمام أن يعطل الحدود» وفيه المختار بن نافع، قال البخاري : منكر الحديث. راجع الدارقطني ٣ / ٨٤، والبيهقي في السنن ٨ / ٣٨. فالحديث ضعيف؟؟؟
عدة طرق تقويه. راجع الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج ص ٢٦٤، والتلخيص الحبير ٥٦٧٤، وشرح السنة ١٠ / ٣٣٠.