المفردات في غريب القرآن، ص : ٣١٥
يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا
[الطور / ١٣]، وقوله : فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ
[الماعون / ٢]، قال الشاعر :
١٥٨ -
دَعَّ الوصيّ في قفا يتيمه
«١»
دعا
الدُّعَاء كالنّداء، إلّا أنّ النّداء قد يقال بيا، أو أيا، ونحو ذلك من غير أن يضمّ إليه الاسم، والدُّعَاء لا يكاد يقال إلّا إذا كان معه الاسم، نحو : يا فلان، وقد يستعمل كلّ واحد منهما موضع الآخر. قال تعالى : كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً [البقرة / ١٧١]، ويستعمل استعمال التسمية، نحو : دَعَوْتُ ابني زيدا، أي : سمّيته، قال تعالى : لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور / ٦٣]، حثّا على تعظيمه، وذلك مخاطبة من كان يقول : يا محمد، ودَعَوْتَهُ : إذا سألته، وإذا استغثته، قال تعالى : قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ
[البقرة / ٦٨]، أي : سله، وقال : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
[الأنعام / ٤٠ - ٤١]، تنبيها أنّكم إذا أصابتكم شدّة لم تفزعوا إلّا إليه، وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً [الأعراف / ٥٦]، وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [البقرة / ٢٣]، وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ [الزمر / ٨]، وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ [يونس / ١٢]، وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ [يونس / ١٠٦]، وقوله : لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً [الفرقان / ١٤]، هو أن يقول : يا لهفاه، ويا حسرتاه، ونحو ذلك من ألفاظ التأسّف، والمعنى : يحصل لكم غموم كثيرة. وقوله : ادْعُ لَنا رَبَّكَ [البقرة / ٦٨]، أي : سله. والدُّعاءُ إلى الشيء : الحثّ على قصده قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [يوسف / ٣٣]، وقال : وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ [يونس / ٢٥]، وقال :
يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ [غافر / ٤١ - ٤٢]، وقوله : لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ [غافر / ٤٣]، أي : رفعة وتنويه.
والدَّعْوَةُ مختصّة بادّعاء النّسبة «٢»، وأصلها للحالة التي عليها الإنسان، نحو : القعدة والجلسة.

_
(١) الرجز لأبي نواس في ديوان المعاني ١ / ٣٥٧، وهو بتمامه :
يدعّه بضفتي حيزومه دعّ الوصيّ جانبي يتيمه
وهو في ربيع الأبرار ١ / ٤٩، وتفسير الماوردي، ٤ / ١١٢، وإعراب ثلاثين سورة ص ٢٠٤.
(٢) قال ابن فارس : والدّعوة في النسب بالكسر. قال أبو عبيدة : يقال في النسب دعوة، بالكسر، وإلى الطعام دعوة، بالفتح. انظر : المجمل ٢ / ٣٢٦.


الصفحة التالية
Icon