المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٢٠
الثاني في الخبر غير الدّهر الأوّل، وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل، ومعناه : أنّ اللّه هو الدّاهر، أي : المصرّف المدبّر المفيض لما يحدث، والأول أظهر «١». وقوله تعالى إخبارا عن مشركي العرب : ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
[الجاثية / ٢٤]، قيل : عني به الزمان.
دهق
قال تعالى : وَكَأْساً دِهاقاً
[النبأ / ٣٤]، أي : مفعمة، ويقال : أَدْهَقْتُ الكأسَ فَدَهَقَ، ودَهَقَ لي من المال دَهْقَةً، كقولك : قبض قبضة.
دهم
الدُّهْمَة : سواد الليل، ويعبّر بها عن سواد الفرس، وقد يعبّر بها عن الخضرة الكاملة اللّون، كما يعبّر عن الدُّهْمَة بالخضرة إذا لم تكن كاملة اللّون، وذلك لتقاربهما باللون. قال اللّه تعالى : مُدْهامَّتانِ
[الرحمن / ٦٤]، وبناؤهما من الفعل مفعالّ، يقال : ادهامّ ادهيماما، قال الشاعر في وصف الليل :
١٦١ -
في ظلّ أخضر يدعو هامه البوم
«٢»
دهن
قال تعالى : تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ
[المؤمنون / ٢٠]، وجمع الدّهن أدهان. وقوله تعالى :
فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ
[الرحمن / ٣٧]، قيل : هو درديّ الزّيت، والمُدْهُن : ما يجعل فيه الدّهن، وهو أحد ما جاء على مفعل من الآلة «٣»، وقيل للمكان الذي يستقرّ فيه ماء قليل :
مُدْهُن، تشبيها بذلك، ومن لفظ الدّهن استعير الدَّهِين للناقة القليلة اللّبن، وهي فعيل في معنى فاعل، أي : تعطي بقدر ما تدهن به. وقيل :
بمعنى مفعول، كأنه مَدْهُون باللبن. أي : كأنها دُهِنَتْ باللبن لقلّته، والثاني أقرب من حيث لم يدخل فيه الهاء، ودَهَنَ المطر الأرض : بلّها بللا يسيرا، كالدّهن الذي يدهن به الرّأس، ودَهَنَهُ بالعصا : كناية عن الضّرب على سبيل التّهكّم، كقولهم : مسحته بالسّيف، وحيّيته بالرّمح.
والإِدْهَانُ في الأصل مثل التّدهين، لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة، وترك الجدّ، كما جعل التّقريد وهو نزع القراد عن البعير عبارة عن ذلك، قال : أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ
[الواقعة / ٨١]، قال الشاعر :
(١) نقله ابن حجر عنه في الفتح ٨ / ٥٧٥.
(٢) الشطر تقدّم في باب (خضر).
(٣) وقد جمع ابن مالك ما شذّ من اسم الآلة في لاميته فقال :
شذّ المدقّ ومسعط ومكحلة ومدهن منصل والآتي من نخلا
أي : المنخل.