المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٢٩
[الكهف / ٦٣]، ومن الذّكر بالقلب واللّسان معا قوله تعالى : فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [البقرة / ٢٠٠]، وقوله :
فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ [البقرة / ١٩٨]، وقوله : وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ [الأنبياء / ١٠٥]، أي : من بعد الكتاب المتقدم. وقوله هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً [الدهر / ١]، أي : لم يكن شيئا موجودا بذاته، وإن كان موجودا في علم اللّه تعالى.
وقوله : أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ [مريم / ٦٧]، أي : أولا يذكر الجاحد للبعث أوّل خلقه، فيستدلّ بذلك على إعادته، وكذلك قوله تعالى : قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ [يس / ٧٩]، وقوله : وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [الروم / ٢٧]، وقوله :
وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت / ٤٥]، أي :
ذكر اللّه لعبده أكبر من ذكر العبد له، وذلك حثّ على الإكثار من ذكره. والذِّكْرَى : كثرة الذّكر، وهو أبلغ من الذّكر، قال تعالى : رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ [ص / ٤٣]، وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات / ٥٥]، في آي كثيرة. والتَّذْكِرَةُ : ما يتذكّر به الشيء، وهو أعمّ من الدّلالة والأمارة، قال تعالى : فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ [المدثر / ٤٩]، كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ [عبس / ١١]، أي : القرآن.
وذَكَّرْتُهُ كذا، قال تعالى : وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إبراهيم / ٥]، وقوله : فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى [البقرة / ٢٨٢]، قيل : معناه تعيد ذكره، وقد قيل : تجعلها ذكرا في الحكم «١». قال بعض العلماء «٢» في الفرق بين قوله : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة / ١٥٢]، وبين قوله : اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ [البقرة / ٤٠] : إنّ قوله : فَاذْكُرُونِي مخاطبة لأصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلم الذين حصل لهم فضل قوّة بمعرفته تعالى، فأمرهم بأن يذكروه بغير واسطة، وقوله تعالى : اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ مخاطبة لبني إسرائيل الذين لم يعرفوا اللّه إلّا بآلائه، فأمرهم أن يتبصّروا نعمته، فيتوصّلوا بها إلى معرفته. والذَّكَرُ : ضدّ الأنثى، قال تعالى :
وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى [آل عمران / ٣٦]، وقال : آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ [الأنعام / ١٤٤]، وجمعه : ذُكُور وذُكْرَان، قال تعالى : ذُكْراناً وَإِناثاً [الشورى / ٥٠]، وجعل الذَّكَر كناية عن العضو المخصوص.
والمُذْكِرُ : المرأة التي ولدت ذكرا، والمِذْكَار :
التي عادتها أن تذكر، وناقة مُذَكَّرَة : تشبه الذّكر في عظم خلقها، وسيف ذو ذُكْرٍ، ومُذَكَّر :
صارم، تشبيها بالذّكر، وذُكُورُ البقل : ما غلظ منه.

_
(١) راجع : المدخل لعلم تفسير كتاب اللّه ص ١٠٩. [.....]
(٢) نقله الرازي في تفسيره ٣ / ٣٣.


الصفحة التالية
Icon