المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٨٢
استجرّهم الشّيطان حتى زلّوا، فإنّ الخطيئة الصّغيرة إذا ترخّص الإنسان فيها تصير مسهّلة لسبيل الشّيطان على نفسه. وقوله عليه السلام :
«من أُزِلَّتْ إليه نعمةٌ فليشكرها» «١» أي : من أوصل إليه نعمة بلا قصد من مسديها، تنبيها أنه إذا كان الشّكر في ذلك لازما فكيف فيما يكون عن قصده. والتَّزَلْزُلُ : الاضطراب، وتكرير حروف لفظه تنبيه على تكرير معنى الزّلل فيه، قال : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها
[الزلزلة / ١]، وقال : إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ
[الحج / ١]، وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً
[الأحزاب / ١١]، أي : زعزعوا من الرّعب.
زلف
الزُّلْفَةُ : المنزلة والحظوة «٢»، وقوله تعالى :
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً
[الملك / ٢٧]، قيل : معناه :
لمّا رأوا زلفة المؤمنين وقد حرموها. وقيل :
استعمال الزّلفة في منزلة العذاب كاستعمال البشارة ونحوها من الألفاظ. وقيل لمنازل الليل : زُلَفٌ قال : وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ
[هود / ١١٤]، قال الشاعر :
٢١١ -
طيّ الليالي زلفا فزلفا
«٣» والزُّلْفَى : الحظوة، قال اللّه تعالى : إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى
[الزمر / ٣]، والمَزَالِفُ :
المراقي، وأَزْلَفْتُهُ : جعلت له زلفى، قال :
وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ
[الشعراء / ٦٤]، وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
[الشعراء / ٩٠]، وليلة الْمُزْدَلِفَةِ : خصّت بذلك لقربهم من منى بعد الإفاضة. وفي الحديث :«ازْدَلِفُوا إلى اللّه بركعتين» «٤».
زلق
الزَّلَقُ والزّلل متقاربان، قال : صَعِيداً زَلَقاً
[الكهف / ٤٠]، أي : دحضا لا نبات فيه، نحو قوله : فَتَرَكَهُ صَلْداً [البقرة / ٢٦٤]، والْمَزْلَقُ : المكان الدّحض. قال :
لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ
[القلم / ٥١]، وذلك كقول الشاعر :

_
(١) الحديث في النهاية ٢ / ٣١٠، والفائق ٢ / ١١٩.
(٢) انظر : البصائر ٣ / ١٣٦، والمجمل ٢ / ٤٣٨. [.....]
(٣) الرجز للعجاج، وقبله :
ناج طواه البين ممّا وجفا
وهو في ديوانه ص ٢٣١، والبصائر ٣ / ١٣٧، وشرح مقصورة ابن دريد ص ٢١٤.
(٤) الحديث عن سليمان بن موسى قال : كتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إلى مصعب بن عمير، وهو بالمدينة : انظر من اليوم الذي تجهّز فيه اليهود لسبتها، فإذا زالت الشمس فازدلف إلى اللّه بركعتين، واخطب فيهما. أخرجه الخطابي في غريب الحديث ٢ / ٢٥.


الصفحة التالية
Icon