المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٨٨
ثباتا في كبد السماء، ولهذا قالوا : قام قائم الظّهيرة، وسار النهار، وقيل : زَالَهُ يَزِيلُهُ «١» زَيْلًا، قال الشاعر :
٢١٧ -
زَالَ زوالها
«٢» أي : أذهب اللّه حركتها، والزَّوَالُ : التّصرّف. وقيل :
هو نحو قولهم : أسكت اللّه نأمته «٣»، وقال الشاعر :
٢١٨ -
إذا ما رأتنا زال منها زويلها
«٤» ومن قال : زال لا يتعدّى، قال :(زوالها) نصب على المصدر، وتَزَيَّلُوا
[الفتح / ٢٥]، تفرّقوا، قال فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ
[يونس / ٢٨]، وذلك على التّكثير فيمن قال : زلت متعدّ، نحو : مزته وميّزته، وقولهم : مَا زَالَ ولا يزال خصّا بالعبارة، وأجريا مجرى كان في رفع الاسم ونصب الخبر، وأصله من الياء، لقولهم :
زَيَّلْتُ، ومعناه معنى ما برحت، وعلى ذلك :
وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود / ١١٨]، وقوله :
لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ [التوبة / ١١٠]، وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الرعد / ٣١]، فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ [غافر / ٣٤]، ولا يصحّ أن يقال : ما زال زيد إلّا منطلقا، كما يقال : ما كان زيد إلّا منطلقا، وذلك أنّ زَالَ يقتضي معنى النّفي، إذ هو ضدّ الثّبات، وما ولا : يقتضيان النّفي، والنّفيان إذا اجتمعا اقتضيا الإثبات، فصار قولهم : ما زَالَ يجري مجرى (كان) في كونه إثباتا فكما لا يقال : كان زيد إلا منطلقا لا يقال : ما زال زيد إلا منطلقا.
زين
الزِّينَةُ الحقيقيّة : ما لا يشين الإنسان في شيء من أحواله لا في الدنيا، ولا في الآخرة، فأمّا ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجه شين، والزِّينَةُ بالقول المجمل ثلاث : زينة نفسيّة كالعلم، والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنيّة، كالقوّة وطول القامة، وزينة خارجيّة كالمال والجاه. فقوله :
حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ
(١) قال السرقسطي : وقد زال الشيء يزيله زيلا : إذا مازه منه. انظر : الأفعال ٣ / ٤٧٩.
(٢) البيت :
هذا النهار بدا لها من همّها ما بالها بالليل زال زوالها
وهو للأعشى في ديوانه ص ١٥٠، واللسان (زول).
قيل : معناه : زال الخيال زوالها.
(٣) أي : نغمته وصوته، انظر : اللسان (نأم)، والمنتخب لكراع النمل ١ / ٤٦.
(٤) هذا عجز بيت، وشطره :
وبيضاء لا تنحاش منّا وأمها
وهو لذي الرّمة في ديوانه ص ٦٣٧ من قصيدة مطلعها :
أخرقاء للبين استقلّت حمولها نعم غربة فالعين يجري مسيلها
ورواية الديوان «زيل» والبيت في المجمل ٢ / ٤٤٥.