المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٩٧
سُجَّداً لِلَّهِ
[النحل / ٤٨]، فهذا سجود تسخير، وهو الدّلالة الصامتة الناطقة المنبّهة على كونها مخلوقة، وأنّها خلق فاعل حكيم، وقوله :
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ
[النحل / ٤٩]، ينطوي على النّوعين من السّجود، التّسخير والاختيار، وقوله : وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ [الرحمن / ٦]، فذلك على سبيل التّسخير، وقوله : اسْجُدُوا لِآدَمَ
[البقرة / ٣٤]، قيل : أمروا بأن يتّخذوه قبلة، وقيل : أمروا بالتّذلّل له، والقيام بمصالحه، ومصالح أولاده، فائتمروا إلّا إبليس، وقوله : ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً
[النساء / ١٥٤]، أي : متذلّلين منقادين، وخصّ السّجود في الشريعة بالرّكن المعروف من الصلاة، وما يجري مجرى ذلك من سجود القرآن، وسجود الشّكر، وقد يعبّر به عن الصلاة بقوله : وَأَدْبارَ السُّجُودِ [ق / ٤٠]، أي : أدبار الصلاة، ويسمّون صلاة الضّحى : سبحة الضّحى، وسُجُود الضّحى، وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [طه / ١٣٠] قيل : أريد به الصلاة «١»، والمَسْجِدُ : موضع الصلاة اعتبارا بالسجود، وقوله : وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ
[الجن / ١٨]، قيل :
عني به الأرض، إذ قد جعلت الأرض كلّها مسجدا وطهورا كما روي في الخبر «٢»، وقيل :
الْمَسَاجِدَ : مواضع السّجود : الجبهة والأنف واليدان والرّكبتان والرّجلان، وقوله : أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ [النمل / ٢٥] «٣» أي : يا قوم اسجدوا، وقوله : وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً [يوسف / ١٠٠]، أي : متذلّلين، وقيل : كان السّجود على سبيل الخدمة في ذلك الوقت سائغا، وقول الشاعر :
٢٢٦ -
وافى بها لدراهم الْإِسْجَادِ
«٤» عنى بها دراهم عليها صورة ملك سجدوا له.
سجر
السَّجْرُ : تهييج النار، يقال : سَجَرْتُ التَّنُّورَ، ومنه : وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
[الطور / ٦]، قال الشاعر :
(١) أخرج عبد الرزاق وغيره عن ابن عباس في الآية قال : هي الصلاة المكتوبة.
(٢) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«نصرت بالرّعب، وأوتيت جوامع الكلم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وبينا أنا نائم أتيت بمفاتح خزائن الأرض فتلّت في يدي» أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام ١٣ / ٢٠٩، وانظر : شرح السنة ١٣ / ١٩٨. [.....]
(٣) هي بتخفيف ألا، على أنها للاستفتاح، وبها قرأ الكسائي ورويس وأبو جعفر. الإتحاف ٣٣٦.
(٤) هذا عجز بيت، وشطره :
من خمر ذي نطف أغنّ منطّق
وهو للأسود بن يعفر، والبيت في المفضليات ص ٢١٨، والمجمل ٢ / ٤٨٦.