المفردات في غريب القرآن، ص : ٤١٢
طلبه، وخصّ المشي فيما بين الصّفا والمروة بالسعي، وخصّت السّعاية بالنميمة، وبأخذ الصّدقة، وبكسب المكاتب لعتق رقبته، والمساعاة بالفجور، والمسعاة بطلب المكرمة، قال تعالى : وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ
[سبأ / ٥]، أي : اجتهدوا في أن يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات.
سغب
قال تعالى : أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ
[البلد / ١٤]، من السَّغَبِ، وهو الجوع مع التّعب، وقد قيل : في العطش مع التّعب، يقال : سَغِبَ سَغَباً وسُغُوباً «١»، وهو سَاغِبٌ، وسَغْبَانُ، نحو : عطشان.
سفر
السَّفْرُ : كشف الغطاء، ويختصّ ذلك بالأعيان، نحو : سَفَرَ العمامة عن الرّأس، والخمار عن الوجه، وسَفْرُ البيتِ : كَنْسُهُ بِالْمِسْفَرِ، أي : المكنس، وذلك إزالة السَّفِيرِ عنه، وهو التّراب الذي يكنس منه، والإِسْفارُ يختصّ باللّون، نحو : وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ
[المدثر / ٣٤]، أي : أشرق لونه، قال تعالى :
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ
[عبس / ٣٨]، و«أَسْفِرُوا بالصّبح تؤجروا»»
من قولهم :
أَسْفَرْتُ، أي : دخلت فيه، نحو : أصبحت، وسَفَرَ الرّجل فهو سَافِرٌ، والجمع السَّفْرُ، نحو :
ركب. وسَافَرَ خصّ بالمفاعلة اعتبارا بأنّ الإنسان قد سَفَرَ عن المكان، والمكان سفر عنه، ومن لفظ السَّفْرِ اشتقّ السُّفْرَةُ لطعام السَّفَرِ، ولما يوضع فيه. قال تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ [النساء / ٤٣]، والسِّفْرُ : الكتاب الذي يُسْفِرُ عن الحقائق، وجمعه أَسْفَارٌ، قال تعالى : كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً [الجمعة / ٥]، وخصّ لفظ الأسفار في هذا المكان تنبيها أنّ التّوراة - وإن كانت تحقّق ما فيها - فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها، وقوله تعالى : بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ
[عبس / ١٥ - ١٦]، فهم الملائكة الموصوفون بقوله :
كِراماً كاتِبِينَ [الانفطار / ١١]، والسَّفَرَةُ :
جمع سَافِرٍ، ككاتب وكتبة، والسَّفِيرُ : الرّسول بين القوم يكشف ويزيل ما بينهم من الوحشة،
(١) قال السرقسطي : سغب وسغب لغتان، ولغة سغب بالضم : جاع.
وقال بعض أهل اللغة : لا يكون السّغب إلا الجوع مع التعب، وربما سمّي العطش سغبا، وليس بمستعمل، قال : والمصدر : السّغابة والسّغوب. انظر : الأفعال ٣ / ٥١٩.
(٢) الحديث عن رافع بن خديج قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول :«أسفروا بالفجر فإنّه أعظم للأجر». أخرجه الترمذي وقال : حسن صحيح، وأحمد ٣ / ٤٦٥، وابن ماجة (٢٦٢) وصححه، والنسائي ١ / ٢٧٢، وقال البغوي :
هذا حديث حسن، وانظر : شرح السنة ٢ / ١٩٦.