المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٨١
تأكله العافية فهو صدقة» «١»، وعلى هذا قوله تعالى : وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا
[النساء / ٩٢]، فسمّى إعفاءه صَدَقَةً، وقوله :
فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، [المجادلة / ١٢]، أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ [المجادلة / ١٣]، فإنهم كانوا قد أمروا بأن يتصدّق من يناجي الرّسول بصدقة ما غير مقدّرة. وقوله : رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ
[المنافقون / ١٠]، فمن الصّدق أو من الصّدقة. وصَداقُ المرأة وصِدَاقُهَا وصُدْقَتُهَا :
ما تعطى من مهرها، وقد أَصْدَقْتُهَا. قال تعالى :
وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً
[النساء / ٤].
صدى
الصَّدَى : صوت يرجع إليك من كلّ مكان صقيل، والتَّصْدِيَةُ : كلّ صوت يجري مجرى الصَّدَى في أن لا غناء فيه، وقوله : وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً
[الأنفال / ٣٥]، أي : غناء ما يوردونه غناء الصّدى، ومكاء الطّير. والتَّصَدِّي : أن يقابل الشيء مقابلة الصَّدَى، أي : الصّوت الرّاجع من الجبل، قال : أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى
[عبس / ٥ - ٦]، والصَّدَى يقال لذكر البوم «٢»، وللدّماغ لكون الدّماغ متصوّرا بصورة الصّدى، ولهذا يسمّى : هامة، وقولهم : أصمّ اللّه صَدَاهُ «٣»، فدعاء عليه بالخرس، والمعنى : لا جعل اللّه له صوتا حتّى لا يكون له صدى يرجع إليه بصوته، وقد يقال للعطش : صَدَى، يقال :
رجل صَدْيَانٌ، وامرأة صَدْيَا، وصَادِيَةٌ.
صر
الْإِصْرَارُ : التّعقّد في الذّنب والتّشدّد فيه، والامتناع من الإقلاع عنه. وأصله من الصَّرِّ أي :
الشّدّ، والصُّرَّةُ : ما تعقد فيه الدّراهم، والصِّرَارُ :
خرقة تشدّ على أطباء الناقة لئلا ترضع. قال اللّه تعالى : وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا
[آل عمران / ١٣٥]، ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً
[الجاثية / ٨]، وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً
[نوح / ٧]، وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ

_
(١) الحديث عن جابر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«من أحيا أرضا ميتة فهي له، وما أكلت العافية فهو له صدقة» أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٣٣٨.
وعن أم سلمة أنها سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول :«ما من امرئ يحيي أرضا فتشرب منها كبد حرّى، أو تصيب منها عافية إلا كتب اللّه له به أجرا». أخرجه الطبراني في الأوسط، وفيه موسى بن يعقوب الزمعي، وثقه ابن معين وابن حبان، وضعّفه ابن المديني، انظر : مجمع الزوائد ٤ / ١٦٠.
(٢) انظر : المجمل ٢ / ٥٥٣.
(٣) والصدى : الدماغ، ويقال : بل هو الموضع الذي جعل فيه السمع من الدماغ، ولذلك يقولون : أصمّ اللّه صداه.
راجع : المجمل ٢ / ٥٥٣، ومجمع الأمثال ١ / ٤٠٤.


الصفحة التالية
Icon