المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٢٧
طيب
يقال : طَابَ الشيءُ يَطِيبُ طَيْباً، فهو طَيِّبٌ.
قال تعالى : فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ [النساء / ٣]، فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ
[النساء / ٤]، وأصل الطَّيِّبِ :
ما تستلذّه الحواسّ، وما تستلذّه النّفس، والطّعامُ الطَّيِّبُ في الشّرع : ما كان متناولا من حيث ما يجوز، ومن المكان الّذي يجوز فإنّه متى كان كذلك كان طَيِّباً عاجلا وآجلا لا يستوخم، وإلّا فإنّه - وإن كان طَيِّباً عاجلا - لم يَطِبْ آجلا، وعلى ذلك قوله :
كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ
[البقرة / ١٧٢]، فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً [النحل / ١١٤]، لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة / ٨٧]، كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً
[المؤمنون / ٥١]، وهذا هو المراد بقوله : وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف / ٣٢]، وقوله : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ
[المائدة / ٥]، قيل : عنى بها الذّبائح، وقوله :
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ
[غافر / ٦٤]، إشارةٌ إلى الغنيمة. والطَّيِّبُ من الإنسان : من تعرّى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال، وتحلّى بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال، وإيّاهم قصد بقوله : الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ
[النحل / ٣٢]، وقال : طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ
[الزمر / ٧٣]، وقال تعالى : هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً
[آل عمران / ٣٨]، وقال تعالى : لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ
[الأنفال / ٣٧]، وقوله : وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ
[النور / ٢٦]، تنبيه أنّ الأعمال الطَّيِّبَةَ تكون من الطَّيِّبِينَ، كما روي :«المؤمن أَطْيَبُ من عمله، والكافر أخبث من عمله» «١». قال تعالى : وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ
[النساء / ٢]، أي :
الأعمال السّيّئة بالأعمال الصالحة، وعلى هذا قوله تعالى : مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
[إبراهيم / ٢٤]، وقوله : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
[فاطر / ١٠]، وَمَساكِنَ طَيِّبَةً
[التوبة / ٧٢]، أي : طاهرة ذكيّة مستلذّة. وقوله :
بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
[سبأ / ١٥]، وقيل :
أشار إلى الجنّة، وإلى جوار ربّ العزّة، وأما قوله : وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ
[الأعراف / ٥٨]، إشارة إلى الأرض الزّكيّة، وقوله : صَعِيداً طَيِّباً
[المائدة / ٦]، أي : ترابا لا نجاسة به، وسمّي الاستنجاء اسْتِطَابةً لما فيه من التَّطَيُّبِ والتَّطَهُّرِ. وقيل الأَطْيَبَانِ الأكلُ والنّكاحُ «٢»، وطعامُ مَطْيَبَةٍ للنَّفسِ : إذا طَابَتْ به النّفسُ، ويقال
(١) الحديث تقدّم في مادة (خبث).
(٢) انظر : البصائر ٣ / ٥٣٢، والمجمل ٢ / ٥٩٠.
وقيل : هما النوم والنكاح، وقيل : التمر واللبن. انظر : جنى الجنتين ص ٢٠.