المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٤١
٥٥]، أي : معينا للشّيطان على الرّحمن. وقال أبو عبيدة «١» : الظَّهِيرُ هو المَظْهُورُ به. أي : هيّنا على ربّه كالشّيء الذي خلّفته، من قولك :
ظَهَرْتُ بكذا، أي : خلفته ولم ألتفت إليه.
والظِّهَارُ : أن يقول الرّجل لامرأته : أنت عليّ كَظَهْرِ أمّي، يقال : ظَاهَرَ من امرأته. قال تعالى :
وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ
[المجادلة / ٣]، وقرئ : يظاهرون «٢» أي : يَتَظَاهَرُونَ، فأدغم، ويَظْهَرُونَ
«٣»، وظَهَرَ الشّيءُ أصله :
أن يحصل شيء على ظَهْرِ الأرضِ فلا يخفى، وبَطَنَ إذا حصل في بطنان الأرض فيخفى، ثمّ صار مستعملا في كلّ بارز مبصر بالبصر والبصيرة. قال تعالى : أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ
[غافر / ٢٦]، ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ
[الأعراف / ٣٣]، إِلَّا مِراءً ظاهِراً
[الكهف / ٢٢]، يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا
[الروم / ٧]، أي : يعلمون الأمور الدّنيويّة دون الأخرويّة، والعلمُ الظَّاهِرُ والباطن تارة يشار بهما إلى المعارف الجليّة والمعارف الخفيّة، وتارة إلى العلوم الدّنيوية، والعلوم الأخرويّة، وقوله : باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ
[الحديد / ١٣]، وقوله : ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
[الروم / ٤١]، أي : كثر وشاع، وقوله : نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً
[لقمان / ٢٠]، يعني بالظَّاهِرَةِ : ما نقف عليها، وبالباطنة : ما لا نعرفها، وإليه أشار بقوله : وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [النحل / ١٨]، وقوله : قُرىً ظاهِرَةً
[سبأ / ١٨]، فقد حمل ذلك على ظَاهِرِهِ، وقيل : هو مثل لأحوال تختصّ بما بعد هذا الكتاب إن شاء اللّه، وقوله :
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً
[الجن / ٢٦]، أي : لا يطلع عليه، وقوله : لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
[التوبة / ٣٣]، يصحّ أن يكون من البروز، وأن يكون من المعاونة والغلبة، أي : ليغلّبه على الدّين كلّه. وعلى هذا قوله : إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ
[الكهف / ٢٠]، وقوله تعالى : يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ
[غافر / ٢٩]، فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ
[الكهف / ٩٧]، وصلاة الظُّهْرِ معروفةٌ، والظَّهِيرَةُ : وقتُ الظُّهْرِ، وأَظْهَرَ فلانٌ : حصل في ذلك الوقت، على بناء أصبح وأمسى «٤». قال تعالى :
وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ
[الروم / ١٨].
تمّ كتاب الظاء
(١) انظر : مجاز القرآن ٢ / ٧٧.
(٢) قرأ يظّاهرون بفتح الياء وتشديد الظاء وبألف، ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وأبو جعفر. انظر : إرشاد المبتدي ص ٥٨٦. [.....]
(٣) وقرأ يظّهرون نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب. انظر : إرشاد المبتدي ٥٨٦.
(٤) راجع صفحة ٨٢ حاشية ١.