المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٥٣
يكون له خير يقبل منه، وقوله : بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
[الأنعام / ١]، أي : يجعلون له عَدِيلًا فصار كقوله : هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل / ١٠٠]، وقيل : يَعْدِلُونَ بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره، وقيل : يَعْدِلُونَ بعبادتهم عنه تعالى، وقوله : بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
[النمل / ٦٠]، يصحّ أن يكون من قولهم : عَدَلَ عن الحقّ : إذا جار عُدُولًا، وأيّام مُعْتَدِلَاتٌ : طيّبات لِاعْتِدَالِهَا، وعَادَلَ بين الأمرين : إذا نظر أيّهما أرجح، وعَادَلَ الأمرَ : ارتبك فيه، فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه، وقولهم :(وضع على يدي عَدْلٍ) فمثل مشهور «١».
عدن
قال تعالى : جَنَّاتِ عَدْنٍ
[النحل / ٣١]، أي : استقرار وثبات، وعَدَنَ بمكان كذا : استقرّ، ومنه المَعْدِنُ : لمستقرّ الجواهر، وقال عليه الصلاة والسلام :«المَعْدِنُ جُبَارٌ» «٢».
عدا
العَدُوُّ : التّجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب، فيقال له : العَدَاوَةُ والمُعَادَاةُ، وتارة بالمشي، فيقال له : العَدْوُ، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة، فيقال له : العُدْوَانُ والعَدْوُ. قال تعالى : فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ
[الأنعام / ١٠٨]، وتارة بأجزاء المقرّ، فيقال له : العَدْوَاءُ. يقال : مكان ذو عَدْوَاءَ «٣»، أي : غير متلائم الأجزاء. فمن المُعَادَاةِ يقال :
رجلٌ عَدُوٌّ، وقومٌ عَدُوٌّ. قال تعالى : بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ [طه / ١٢٣]، وقد يجمع على عِدًى وأَعْدَاءٍ. قال تعالى : وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ [فصلت / ١٩]، والعَدُوُّ ضربان :
أحدهما : بقصد من المُعَادِي نحو : فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ [النساء / ٩٢]، جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ [الفرقان / ٣١]، وفي أخرى : عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [الأنعام / ١١٢].
والثاني : لا بقصده بل تعرض له حالة يتأذّى بها كما يتأذّى ممّا يكون من العِدَى، نحو قوله :
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ
[الشعراء / ٧٧]، وقوله في الأولاد : عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ
[التغابن / ١٤]، ومن العَدْوِ يقال :
(١) وهو مثل يضرب لكل شيء قد يئس منه. والعدل هو العدل بن جزء، كان ولي شرط تبّع، فكان تبّع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه، فقيل : وضع على يدي عدل. ثم قيل ذلك لكل شيء يئس منه. انظر : المجمل ٣ / ٦٥٢، ومجمع الأمثال ٢ / ٨.
(٢) عن جابر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«السائبة جبار، والجبّ جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٣٥٤، وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط، وأبو يعلى، والدارقطني ٣ / ١٧٨. وانظر : مجمع الزوائد ٦ / ٣٠٦.
(٣) العدواء : المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه. انظر : المجمل ٣ / ٦٥٣.