المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٥٤
٣١٢ -
فَعَادَى عِدَاءً بين ثور ونعجة
«١» أي : أَعْدَى أحدهما إثر الآخر، وتَعَادَتِ المواشي بعضها في إثر بعض، ورأيت عِدَاءَ القوم الّذين يَعْدُونَ من الرَّجَّالَةِ. والاعْتِدَاءُ :
مجاوزة الحقّ. قال تعالى : وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا
[البقرة / ٢٣١]، وقال : وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ
[النساء / ١٤]، اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ
[البقرة / ٦٥]، فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال، قال : تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها
[البقرة / ٢٢٩]، وقال : فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ
[المؤمنون / ٧]، فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ
[البقرة / ١٧٨]، بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ
[الشعراء / ١٦٦]، أي : مُعْتَدُونَ، أو مُعَادُونَ، أو متجاوزون الطّور، من قولهم : عَدَا طوره، وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
[البقرة / ١٩٠]. فهذا هو الاعْتِدَاءُ على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة، لأنه قال :
فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ
[البقرة / ١٩٤]، أي : قابلوه بحسب اعْتِدَائِهِ وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه.
ومن العُدْوَانِ المحظور ابتداء قوله : وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ [المائدة / ٢]، ومن العُدْوَانِ الذي هو على سبيل المجازاة، ويصحّ أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله : فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ
[البقرة / ١٩٣]، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً
[النساء / ٣٠]، وقوله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ [البقرة / ١٧٣]، أي : غير باغ لتناول لذّة، وَلا عادٍ
أي متجاوز سدّ الجوعة. وقيل : غير باغ على الإمام ولا عَادٍ في المعصية طريق المخبتين «٢». وقد عَدَا طورَهُ : تجاوزه، وتَعَدَّى إلى غيره، ومنه : التَّعَدِّي في الفعل. وتَعْدِيَةُ الفعلِ في النّحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول. وما عَدَا كذا يستعمل في الاستثناء، وقوله : إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى
[الأنفال / ٤٢]، أي : الجانب المتجاوز للقرب.
عذب
ماءٌ عَذْبٌ طيّب بارد. قال تعالى : هذا عَذْبٌ فُراتٌ [الفرقان / ٥٣]، وأَعْذَبَ القومُ :
صار لهم ماءٌ عَذْبٌ، والعَذَابُ : هو الإيجاع الشّديد، وقد عَذَّبَهُ تَعْذِيباً : أكثر حبسه في

_
(١) شطر بيت، وعجزه :
دراكا ولم ينضح بماء فيغسل
وهو لامرئ القيس في ديوانه ص ١٢٠.
(٢) وهذا قول مجاهد. وانظر : الدر المنثور ١ / ٤٠٨. [.....]


الصفحة التالية
Icon