المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٨
[لقمان / ١٤] : إنه عنى الأب الذي ولده، والمعلّم الذي علمه.
وقوله تعالى : ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الأحزاب / ٤٠]، إنما هو نفي الولادة، وتنبيه أنّ التبني لا يجري مجرى البنوّة الحقيقية.
وجمع الأب آباء وأبوّة نحو : بعولة وخؤولة.
وأصل «أب» فعل»
، وقد أجري مجرى قفا وعصا في قول الشاعر :
٣ -
إنّ أباها وأبا أباها
«٢» ويقال : أبوت القوم : كنت لهم أبا، أأبوهم، وفلان يأبو بهمه أي : يتفقّدها تفقّد الأب.
وزادوا في النداء فيه تاء، فقالوا : يا أبت «٣».
وقولهم : بأبأ الصبي، فهو حكاية صوت الصبي إذا قال : بابا «٤».
أبى
الإباء : شدة الامتناع، فكل إباء امتناع وليس كل امتناع إباءا.
قوله تعالى : وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [التوبة / ٣٢]، وقال : وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ [التوبة / ٨]، وقوله تعالى : أَبى وَاسْتَكْبَرَ [البقرة / ٣٤]، وقوله تعالى : إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى [طه / ١١٦] وروي :«كلّكم في الجنّة إلا من أبى» «٥»، ومنه : رجل أَبِيٌّ : ممتنع من تحمّل الضيم، وأبيت الضير تأبى، وتيس آبَى، وعنز أَبْوَاء : إذا أخذه من شرب ماءٍ فيه بول الأروى داء يمنعه من شرب الماء «٦».
(١) قال شيخنا العلامة أحمد الحسني الشنقيطي في هذا المعنى :
في أب اختلافهم هل فعل أو هو بالسكون خلف نقلوا
فكوفة عندهم مسكّن وبصرة لعكس ذاك ركنوا
(٢) هذا شطر بيت، وعجزه :
قد بلغا في المجد غايتاها
وفي المخطوطة البيت بتمامه ص ٢. وهو لأبي النجم العجلي، وهو في شرح ابن عقيل ١ / ٥١، وشفاء العليل بشرح التسهيل ١ / ١٢٠، وشرح المفصل ١ / ٥٣، وقيل : هو لرؤبة، في ملحقات ديوانه ص ١٦٨.
(٣) وهذه التاء عوض عن الياء، قال ابن مالك في ألفيّته :
وفي نداء أبت أمت عرض وافتح أو اكسر، ومن اليا التاء عوض
(٤) راجع لسان العرب (بأبأ) ١ / ٢٥، والمسائل الحلبيات ص ٣٢٦. [.....]
(٥) الحديث عن أبي هريرة أنّ النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : كل أمتي يدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى، قالوا : ومن يأبى يا رسول اللّه؟ قال : من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى. أخرجه البخاري انظر فتح الباري ١٣ / ٢٤٩، باب الاعتصام بالسنة، وأحمد في المسند ٢ / ٣٦١، قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح أيضا. انظر : مجمع الزوائد ١٠ / ٧٣.
(٦) راجع لسان العرب ١٤ / ٥ مادة (أبى)، والأروى : أنثى الوعول، وهو اسم جمع.