المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٨٠
٢]، وقال : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إلى قوله :
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً «١» والعِلْقُ : الشّيء النّفيس الذي يتعلّق به صاحبه فلا يفرج عنه، والعَلِيقُ : ما عُلِّقَ على الدّابّة من القضيم، والعَلِيقَةُ : مركوب يبعثها الإنسان مع غيره فيغلق أمره. قال الشاعر :
٣٣٠ -
أرسلها عليقة وقد علم أنّ العليقات يلاقين الرّقم
«٢» والعَلُوقُ : النّاقة التي ترأم ولدها فتعلق به، وقيل للمنيّة : عَلُوقٌ، والعَلْقَى : شجر يتعلّق به، وعَلِقَتِ المرأة : حبلت، ورجل مِعْلَاقٌ : يتعلق بخصمه.
علم
العِلْمُ : إدراك الشيء بحقيقته، وذلك ضربان :
أحدهما : إدراك ذات الشيء.
والثاني : الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له، أو نفي شيء هو منفيّ عنه.
فالأوّل : هو المتعدّي إلى مفعول واحد نحو :
لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ
[الأنفال / ٦٠].
والثاني : المتعدّي إلى مفعولين، نحو قوله :
فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ
[الممتحنة / ١٠]، وقوله : يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ إلى قوله :
لا عِلْمَ لَنا «٣» فإشارة إلى أنّ عقولهم طاشت. والعِلْمُ من وجه ضربان : نظريّ وعمليّ.
فالنّظريّ : ما إذا علم فقد كمل، نحو : العلم بموجودات العالَم.
والعمليّ : ما لا يتمّ إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات.
ومن وجه آخر ضربان : عقليّ وسمعيّ، وأَعْلَمْتُهُ وعَلَّمْتُهُ في الأصل واحد، إلّا أنّ الإعلام اختصّ بما كان بإخبار سريع، والتَّعْلِيمُ اختصّ بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المُتَعَلِّمِ. قال بعضهم : التَّعْلِيمُ :
تنبيه النّفس لتصوّر المعاني، والتَّعَلُّمُ : تنبّه النّفس لتصوّر ذلك، وربّما استعمل في معنى الإِعْلَامِ إذا كان فيه تكرير، نحو : أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ
[الحجرات / ١٦]، فمن التَّعْلِيمُ قوله : الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ
[الرحمن / ١ - ٢]، عَلَّمَ بِالْقَلَمِ [العلق / ٤]، وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا
[الأنعام / ٩١]، عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ [النمل / ١٦]، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [البقرة / ١٢٩]، ونحو ذلك. وقوله :
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها [البقرة / ٣١]،

_
(١) الآية : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً سورة المؤمنون : آية ١٢ - ١٤.
(٢) الرجز لسالم بن دارة الغطفاني، وهو في جمهرة اللغة ٣ / ١٣٠، واللسان (علق). [.....]
(٣) الآية : يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا سورة المائدة : آية ١٠٩.


الصفحة التالية
Icon