المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٨٣
بالفتح في الأمكنة والأجسام أكثر. قال تعالى :
عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ
[الإنسان / ٢١].
وقيل : إنّ (عَلَا) يقال في المحمود والمذموم، و(عَلِيَ) لا يقال إلّا في المحمود، قال : إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ [القصص / ٤]، لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ [يونس / ٨٣]، وقال تعالى : فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ [المؤمنون / ٤٦]، وقال لإبليس :
أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ [ص / ٧٥]، لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ [القصص / ٨٣]، وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ [المؤمنون / ٩١]، وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً [الإسراء / ٤]، وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النمل / ١٤]. والعَليُّ : هو الرّفيع القدر من : عَلِيَ، وإذا وصف اللّه تعالى به في قوله :
أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج / ٦٢]، إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً [النساء / ٣٤]، فمعناه :
يعلو أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين. وعلى ذلك يقال : تَعَالَى، نحو :
تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل / ٦٣]، [و تخصيص لفظ التّفاعل لمبالغة ذلك منه لا على سبيل التّكلّف كما يكون من البشر] «١»، وقال عزّ وجلّ : تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً [الإسراء / ٤٣]، فقوله :(علوّا) ليس بمصدر تعالى. كما أنّ قوله (نباتا) في قوله :
أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [نوح / ١٧]، و(تبتيلا) في قوله : وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [المزمل / ٨]، كذلك «٢». والأَعْلى : الأشرف.
قال تعالى : أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات / ٢٤]، والاسْتِعْلاءُ : قد يكون طلب العلوّ المذموم، وقد يكون طلب العلاء، أي : الرّفعة، وقوله : وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى
[طه / ٦٤]، يحتمل الأمرين جميعا. وأما قوله :
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى
[الأعلى / ١]، فمعناه : أعلى من أن يقاس به، أو يعتبر بغيره، وقوله : وَالسَّماواتِ الْعُلى
[طه / ٤]، فجمع تأنيث الأعلى، والمعنى : هي الأشرف والأفضل بالإضافة إلى هذا العالم، كما قال : أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها [النازعات / ٢٧]، وقوله : لَفِي عِلِّيِّينَ
[المطففين / ١٨]، فقد قيل هو اسم أشرف الجنان «٣»، كما أنّ سجّينا اسم شرّ النّيران، وقيل : بل ذلك في الحقيقة اسم سكّانها، وهذا أقرب في العربيّة، إذ كان هذا الجمع يختصّ بالناطقين، قال : والواحد عِلِّيٌ
(١) ما بين [] نقله الزركشي في البرهان ٢ / ٣٩٥.
(٢) إنما هي أسماء مصادر، وانظر في ذلك : المدخل لعلم التفسير ص ٢٩٠ بتحقيقنا.
(٣) انظر : الدر المنثور ٨ / ٤٤٨، والبصائر ٤ / ٩٧.