المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٩٤
الكفّارة إذا حنث كلزوم الكفّارة المبيّنة في الحلف باللّه، والحنث في قوله فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ [المائدة / ٨٩]، وإعَادَةُ الشيء كالحديث وغيره تكريره. قال تعالى : سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى
[طه / ٢١]، أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ
[الكهف / ٢٠]. والعَادَةُ : اسم لتكرير الفعل والانفعال حتى يصير ذلك سهلا تعاطيه كالطّبع، ولذلك قيل : العَادَةُ طبيعة ثانية.
والعِيدُ : ما يُعَاوِدُ مرّة بعد أخرى، وخصّ في الشّريعة بيوم الفطر ويوم النّحر، ولمّا كان ذلك اليوم مجعولا للسّرور في الشريعة كما نبّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم بقوله :«أيّام أكل وشرب وبعال» «١» صار يستعمل العِيدُ في كلّ يوم فيه مسرّة، وعلى ذلك قوله تعالى : أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً
[المائدة / ١١٤]. [و العِيدُ : كلّ حالة تُعَاوِدُ الإنسان، والعَائِدَةُ : كلّ نفع يرجع إلى الإنسان من شيء ما] «٢»، والمَعادُ يقال للعود وللزّمان الذي يَعُودُ فيه، وقد يكون للمكان الذي يَعُودُ إليه، قال تعالى : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ
[القصص / ٨٥]، قيل : أراد به مكّة «٣»، والصحيح ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام وذكره ابن عباس أنّ ذلك إشارة إلى الجنّة التي خلقه فيها بالقوّة في ظهر آدم «٤»، وأظهر منه حيث قال : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ... الآية [الأعراف / ١٧٢]. والعَوْدُ :
البعير المسنّ اعتبارا بِمُعَاوَدَتِهِ السّير والعمل، أو بِمُعَاوَدَةِ السّنين إيّاه، وعَوْدِ سنة بعد سنة عليه، فعلى الأوّل يكون بمعنى الفاعل، وعلى الثاني بمعنى المفعول. والعَوْدُ : الطريق القديم الذي يَعُودُ إليه السّفر، ومن العَوْدِ : عِيَادَةُ المريض، والعِيدِيَّةُ : إبل منسوبة إلى فحل يقال له : عِيدٌ، والْعُودُ قيل : هو في الأصل الخشب الذي من شأنه أن يَعُودُ إذا قطع، وقد خصّ بالمزهر المعروف وبالذي يتبخّر به.
عوذ
العَوْذُ : الالتجاء إلى الغير والتّعلّق به. يقال :
(١) الحديث عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أمّه رفعته قالت : بعث النبي صلّى اللّه عليه وسلم عليا أيام التشريق ينادي : أيها الناس، إنها أيام أكل وشرب وبعال. أخرجه أحمد بن منيع ومسدّد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وفيه ضعف. انظر :
المطالب العالية ١ / ٢٩٨.
ولمسلم برقم (١١٤١) :«أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر اللّه»، وليس فيه :(و بعال).
(٢) ما بين [] نقله السمين في الدر المصون ٤ / ٥٠٤.
(٣) وهذا قول ابن عباس والضحاك ومجاهد. انظر : الدر المنثور ٦ / ٤٤٥.
(٤) أخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن عليّ رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم في قوله : لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال :
الجنة.
وعن ابن عباس في الآية قال : إلى معدنك من الجنة. انظر : الدر المنثور ٦ / ٤٤٧.