المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٠
وقوله تعالى : أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية / ١٧] قيل : أريد بها السحاب «١»، فإن يكن ذلك صحيحاً فعلى تشبيه السحاب بالإبل وأحواله بأحوالها.
وأَبَلَ الوحشيّ يأبل أُبُولًا، وأبل أَبْلًا «٢» : اجتزأ عن الماء تشبّها بالإبل في صبرها عن الماء.
وكذلك : تَأَبَّلَ الرجل عن امرأته : إذا ترك مقاربتها «٣». وأَبَّلَ الرجل : كثرت إبله، وفلان لا يأتبل أي : لا يثبت على الإبل إذا ركبها، ورجل آبِلٌ وأَبِلٌ : حسن القيام على إبله، وإبل مُؤَبَّلة : مجموعة.
والإبّالة : الحزمة من الحطب تشبيهاً به، وقوله تعالى : وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ
[الفيل / ٣] أي : متفرّقة كقطعات إبلٍ، الواحد إبّيل «٤».
أتى
الإتيان : مجيء بسهولة، ومنه قيل للسيل المارّ على وجهه : أَتِيّ وأَتَاوِيّ «٥»، وبه شبّه الغريب فقيل : أتاويّ «٦».
والإتيان يقال للمجيء بالذات وبالأمر وبالتدبير، ويقال في الخير وفي الشر وفي الأعيان والأعراض، نحو قوله تعالى : إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ [الأنعام / ٤٠]، وقوله تعالى : أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل / ١]، وقوله :
فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ [النحل / ٢٦]، أي : بالأمر والتدبير، نحو : وَجاءَ رَبُّكَ [الفجر / ٢٢]، وعلى هذا النحو قول الشاعر :
٥ -
أتيت المروءة من بابها
«٧» فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها [النمل / ٣٧]، وقوله : لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى [التوبة / ٥٤]، أي : لا يتعاطون، وقوله : يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ [النساء / ١٥]، وفي

_
(١) قال أبو عمرو بن العلاء : ومن قرأها بالتثقيل قال الإبلّ : السحاب التي تحمل الماء للمطر. راجع لسان العرب (إبل) ١١ / ٦، وتفسير القرطبي ٢٠ / ٣٥.
(٢) انظر : الأفعال للسرقسطي ١ / ٩٠، واللسان ١١ / ٥. مادة أبل.
(٣) وروي عن وهب قال : لمّا قتل ابن آدم أخاه تأبّل آدم على حوّاء. أي : ترك غشيانها حزناً على ولده.
(٤) الأبابيل : جماعة في تفرقة، واحدها : إبّيل وإبّول.
(٥) قال ابن منظور : والأتيّ : النهر يسوقه الرجل إلى أرضه. وسيل أتيّ وأتاويّ : لا يدرى من أين أتى، وقال اللحياني :
أي : أتى ولبّس مطره علينا.
(٦) وقال في اللسان : بل السيل مشبّه بالرّجل لأنه غريب مثله، راجع ١٤ / ١٥.
(٧) هذا عجز بيت للأعشى وقبله :
وكأسٍ شربت على لذةٍ وأخرى تداويت منها بها
لكي يعلم الناس أني امرؤ أتيت المروءة من بابها
وليس في ديوانه - طبع دار صادر، بل في ديوانه - طبع مصر ص ١٧٣، وخاص الخاص ص ٩٩، والعجز في بصائر ذوي التمييز ٢ / ٤٣.


الصفحة التالية
Icon