المفردات في غريب القرآن، ص : ٦١٠
التّجارب، وإغْفَالُ الكتاب : تركه غير معجم، وقوله : مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا
[الكهف / ٢٨]، أي : تركناه غير مكتوب فيه الإيمان، كما قال : أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [المجادلة / ٢٢]، وقيل : معناه من جعلناه غَافِلًا عن الحقائق.
غل
الغَلَلُ أصله : تدرّع الشيء وتوسّطه، ومنه :
الغَلَلُ للماء الجاري بين الشّجر، وقد يقال له :
الغيل، وانْغَلَّ فيما بين الشّجر : دخل فيه، فَالْغُلُّ مختصّ بما يقيّد به فيجعل الأعضاء وسطه، وجمعه أَغْلَالٌ، وغُلَّ فلان : قيّد به. قال تعالى :
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
[الحاقة / ٣٠]، وقال : إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ
[غافر / ٧١]. وقيل للبخيل : هو مَغْلُولُ اليد. قال : وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ
[الأعراف / ١٥٧]، وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ
[الإسراء / ٢٩]، وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
[المائدة / ٦٤]، أي :
ذمّوه بالبخل. وقيل : إنّهم لمّا سمعوا أنّ اللّه قد قضى كلّ شيء قالوا : إذا يد اللّه مَغْلُولَةٌ «١»، أي :
في حكم المقيّد لكونها فارغة، فقال اللّه تعالى ذلك. وقوله : إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا
[يس / ٨]، أي : منعهم فعل الخير، وذلك نحو وصفهم بالطّبع والختم على قلوبهم، وعلى سمعهم وأبصارهم، وقيل : بل ذلك - وإن كان لفظه ماضيا - فهو إشارة إلى ما يفعل بهم في الآخرة كقوله : وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا
[سبأ / ٣٣]. والْغُلَالَةُ : ما يلبس بين الثّوبين، فالشّعار : لما يلبس تحت الثّوب، والدّثار : لما يلبس فوقه، والْغُلَالَةُ : لما يلبس بينهما. وقد تستعار الْغُلَالَةُ للدّرع كما يستعار الدّرع لها، والْغُلُولُ : تدرّع الخيانة، والغِلُّ :
العداوة. قال تعالى : وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ
[الأعراف / ٤٣]، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ
[الحشر / ١٠]. وغَلَّ يَغِلُّ : إذا صار ذا غِلٍّ «٢»، أي : ضغن، وأَغَلَّ، أي : صار ذا إِغْلَالٍ. أي :
خيانة، وغَلَّ يَغُلُّ : إذا خان، وأَغْلَلْتُ فلانا : نسبته إلى الغُلُولِ. قال : وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ
[آل عمران / ١٦١]، وقرئ : أَنْ يَغُلَ
«٣» أي : ينسب إلى الخيانة، من أَغْلَلْتُهُ. قال :
(١) انظر : البصائر ٤ / ١٤٤.
(٢) انظر : الأفعال ٢ / ١ و٧.
(٣) وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب وأبي جعفر. انظر : الإتحاف ص ١٨١، وإرشاد المبتدي ص ٢٧١.