المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٣٤
يفرق به بين الحق والباطل «١»، فكان الفرقان هاهنا كالسّكينة والرّوح في غيره، وقوله : وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال / ٤١]، قيل :
أريد به يوم بدر «٢»، فإنّه أوّل يوم فُرِقَ فيه بين الحقّ والباطل، والفُرْقَانُ : كلام اللّه تعالى، لفرقه بين الحقّ والباطل في الاعتقاد، والصّدق والكذب في المقال، والصالح والطّالح في الأعمال، وذلك في القرآن والتوراة والإنجيل، قال : وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ [البقرة / ٥٣]، وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ [الأنبياء / ٤٨]، تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ [الفرقان / ١]، شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [البقرة / ١٨٥].
والفَرَقُ : تَفَرُّقُ القلب من الخوف، واستعمال الفرق فيه كاستعمال الصّدع والشّقّ فيه. قال تعالى : وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ
[التوبة / ٥٦]، ويقال : رجل فَرُوقٌ وفَرُوقَةٌ، وامرأة كذلك، ومنه قيل للناقة التي تذهب في الأرض نادّة من وجع المخاض : فَارِقٌ وفَارِقَةٌ «٣»، وبها شبّه السّحابة المنفردة فقيل : فَارِقٌ، والْأَفْرَقُ من الدّيك : ما عُرْفُهُ مَفْرُوقٌ، ومن الخيل : ما أحد وركيه أرفع من الآخر، والفَرِيقَةُ : تمر يطبخ بحلبة، والفَرُوقَةُ : شحم الكليتين.
فره
الفَرِهُ : الأَشِرُ، وناقة مُفْرِهٌ ومُفْرِهَةٌ : تنتج الفُرَّهَ «٤»، وقوله : وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ
[الشعراء / ١٤٩]، أي : حاذقين، وجمعه فُرَّهٌ، ويقال ذلك في الإنسان وفي غيره، وقرئ : فَرِهِينَ «٥» في معناه. وقيل :
معناهما أشرين.
فرى
الفَرْيُ : قطع الجلد للخرز والإصلاح، والْإِفْرَاءُ للإفساد، والِافْتِرَاءُ فيهما، وفي الإفساد أكثر، وكذلك استعمل في القرآن في الكذب والشّرك والظّلم. نحو : وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً
[النساء / ٤٨]، انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
[النساء / ٥٠].
وفي الكذب نحو : افْتِراءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا
[الأنعام / ١٤٠]، وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [المائدة / ١٠٣]، أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ [السجدة / ٣]، وَما ظَنُّ الَّذِينَ
(١) وهو قول ابن جريح وابن زيد. انظر : روح المعاني ٩ / ١٩٦.
(٢) وهو قول ابن عباس وابن مسعود. انظر : الدر المنثور ٤ / ٧١.
(٣) انظر : المجمل ٣ / ٧١٨.
(٤) انظر : المجمل ٣ / ٧١٩، واللسان (فره).
(٥) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب. انظر : الإتحاف ص ٣٣٣.