المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٤
على ارتكاب آثام، وذلك لاستدعاء الأمور الصغيرة إلى الكبيرة، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى : فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم / ٥٩].
والآثم : المتحمّل الإثم، قال تعالى : آثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة / ٢٨٣].
وقوبل الإثم بالبرّ، فقال صلّى اللّه عليه وسلم :«البرّ ما اطمأنّت إليه النفس، والإثم ما حاك في صدرك» «١» وهذا القول منه حكم البرّ والإثم لا تفسيرهما.
وقوله تعالى : مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
[القلم / ١٢] أي : آثم، وقوله : يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ
[المائدة / ٦٢].
قيل : أشار بالإثم إلى نحو قوله : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [المائدة / ٤٤]، وبالعدوان إلى قوله : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة / ٤٥]، فالإثم أعمّ من العدوان.
أج
قال تعالى : هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ
[الفرقان / ٥٣] : شديد الملوحة والحرارة، من قولهم : أجيج النار وأَجَّتُهَا، وقد أجّت، وائتجّ النهار.
ويأجوج ومأجوج منه، شبّهوا بالنار المضطرمة والمياه المتموّجة لكثرة اضطرابهم «٢».
وأجّ الظّليم : إذا عدا، أجيجاً تشبيهاً بأجيج النار.
أجر
الأجر والأجرة : ما يعود من ثواب العمل دنيوياً كان أو أخروياً، نحو قوله تعالى : إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ [يونس / ٧٢]، وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [العنكبوت / ٢٧]، وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا [يوسف / ٥٧].
والأُجرة في الثواب الدنيوي، وجمع الأجر أجور، وقوله تعالى : وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [النساء / ٢٥] كناية عن المهور، والأجر والأجرة يقال فيما كان عن عقد وما يجري مجرى العقد، ولا يقال إلا في النفع دون الضر، نحو قوله تعالى : لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ [آل عمران / ١٩٩]، وقوله تعالى : فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى / ٤٠]. والجزاء يقال فيما كان عن عقدٍ وغير عقد، ويقال في النافع والضار، نحو

_
(١) الحديث عن وابصة بن معبد رضي اللّه عنه قال : أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال :«جئت تسأل عن البرّ؟ قلت : نعم.
قال : البرّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردّد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك»
أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٢٢٨، وفيه أيوب بن عبد اللّه بن مكرز. قال ابن عدي : لا يتابع على حديثه.
ووثقه ابن حبان. وأخرجه الدارمي ٢ / ٣٢٢. وانظر : مجمع الزوائد ١ / ١٨٢. ذكره النووي في الأربعين وقال :
حديث حسن رويناه في مسند أحمد والدارمي بإسناد حسن، راجع الأربعين النووية ص ٥٣.
(٢) انظر : المجموع المغيث ١ / ٣٢.


الصفحة التالية
Icon