المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٧
الإثبات، لأنّ نفي المتضادين يصح، ولا يصحّ إثباتهما، فلو قيل : في الدار واحد لكان فيه إثبات واحدٍ منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال : ما من أحدٍ فاضلين «١»، كقوله تعالى : فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ [الحاقة / ٤٧].
وأمّا المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه :
الأول : في الواحد المضموم إلى العشرات نحو : أحد عشر وأحد وعشرين.
والثاني : أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى : أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً [يوسف / ٤١]، وقولهم :
يوم الأحد. أي : يوم الأول، ويوم الاثنين.
والثالث : أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف اللّه تعالى بقوله : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص / ١]، وأصله : وحد «٢»، ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة :
١٠ -
كأنّ رحلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد
«٣»
أخذ
الأَخْذُ : حوز الشيء وتحصيله، وذلك تارةً بالتناول نحو : مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ [يوسف / ٧٩]، وتارةً بالقهر نحو قوله تعالى : لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة / ٢٥٥].
ويقال : أخذته الحمّى، وقال تعالى : وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ [هود / ٦٧]، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى [النازعات / ٢٥]، وقال : وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى [هود / ١٠٢].
ويعبّر عن الأسير بالأَخِيذِ والمأخوذ، والاتّخاذ افتعال منه، ويعدّى إلى مفعولين ويجري مجرى الجعل نحو قوله تعالى : لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ [المائدة / ٥١]، أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ [الشورى / ٩]، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا [المؤمنون / ١١٠]، أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ : اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة / ١١٦]، وقوله تعالى :
وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ
[النحل / ٦١] فتخصيص لفظ المؤاخذة تنبيه على معنى المجازاة والمقابلة لما أخذوه من النعم فلم يقابلوه بالشكر.
(١) وهذا النقل حرفياً في البصائر ٢ / ٩١. [.....]
(٢) قال الفيروزآبادي : وأصله وحد، أبدلوا الواو همزةً على عادتهم في الواوات الواقعة في أوائل الكلم، كما في :
أجوه ووجوه، وإشاح ووشاح، وامرأة أناة ووناة. انظر : البصائر ٢ / ٩٢.
(٣) البيت من معلقته، وهو في ديوانه ص ٣١، وشرح المعلقات للنحاس ٢ / ١٦٢.