المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٨١
فَكَثَّرَكُمْ [الأعراف / ٨٦] ويكنّى بها تارة عن العزّة اعتبارا بقوله : وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ / ١٣]، وَقَلِيلٌ ما هُمْ [ص / ٢٤] وذاك أنّ كلّ ما يعزّ يَقِلُّ وجوده. وقوله :
وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء / ٨٥] يجوز أن يكون استثناء من قوله : وَما أُوتِيتُمْ أي : ما أوتيتم العلم إلّا قليلا منكم، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف. أي :
علما قليلا، وقوله : وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا [البقرة / ٤١] يعني بِالْقَلِيلِ هاهنا أعراض الدّنيا كائنا ما كان، وجعلها قليلا في جنب ما أعدّ اللّه للمتّقين في القيامة، وعلى ذلك قوله : قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ [النساء / ٧٧]. وقليل يعبّر به عن النّفي، نحو : قَلَّمَا يفعل فلان كذا، ولهذا يصحّ أن يستثنى منه على حدّ ما يستثنى من النّفي، فيقال : قلّما يفعل كذا إلّا قاعدا أو قائما وما يجري مجراه، وعلى ذلك حمل قوله :
قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ [الحاقة / ٤١] وقيل : معناه تؤمنون إيمانا قليلا، والإيمان الْقَلِيلُ هو الإقرار والمعرفة العامّيّة المشار إليها بقوله : وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف / ١٠٦]. وأَقْلَلْتُ كذا : وجدته قَلِيلَ المحمل، أي : خفيفا، إمّا في الحكم، أو بالإضافة إلى قوّته، فالأول نحو : أَقْلَلْتَ ما أعطيتني. والثاني قوله : أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا
[الأعراف / ٥٧] أي : احتملته فوجدته قليلا باعتبار قوّتها، واسْتَقْلَلْتُهُ : رأيته قليلا. نحو : استخففته : رأيته خفيفا، والقُلَّةُ «١» : ما أَقَلَّهُ الإنسان من جرّة وحبّ «٢»، وقُلَّةُ الجبل : شَعَفُهُ اعتبارا بقلّته إلى ما عداه من أجزائه، فأمّا تَقَلْقَلَ الشيء : إذا اضطرب، وتَقَلْقَلَ المسمار فمشتقّ من القَلْقَلَةِ، وهي حكاية صوت الحركة.
قلب
قَلْبُ الشيء : تصريفه وصرفه عن وجه إلى وجه، كقلب الثّوب، وقلب الإنسان، أي : صرفه عن طريقته. قال تعالى : وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ
[العنكبوت / ٢١]. والِانْقِلابُ : الانصراف، قال : انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ
[آل عمران / ١٤٤]، وقال : إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ
[الأعراف / ١٢٥]، وقال : أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ
[الشعراء / ٢٢٧]، وقال :
وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ [المطففين / ٣١]. وقَلْبُ الإِنْسان قيل : سمّي به لكثرة تَقَلُّبِهِ، ويعبّر بالقلب عن المعاني التي تختصّ به من الرّوح والعلم والشّجاعة وغير ذلك، وقوله : وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ
[الأحزاب / ١٠] أي : الأرواح. وقال : إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ
[ق / ٣٧] أي :

_
(١) انظر المجمل ٣ / ٧٢٦.
(٢) الحبّ : الجرّة الضخمة.


الصفحة التالية
Icon