المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٨٥
بكلّ واحد منهما في قوله تعالى : وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ
[البقرة / ٢٣٨]، وقوله تعالى : كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ
[الروم / ٢٦] قيل : خاضعون، وقيل :
طائعون، وقيل : ساكتون ولم يعن به كلّ السّكوت، وإنما عني به ما قال عليه الصلاة والسلام :«إنّ هذه الصّلاة لا يصحّ فيها شيء من كلام الآدميّين، إنّما هي قرآن وتسبيح» «١»، وعلى هذا قيل : أيّ الصلاة أفضل؟ فقال :«طول القُنُوتِ» «٢» أي : الاشتغال بالعبادة ورفض كلّ ما سواه. وقال تعالى : إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً
[النحل / ١٢٠]، وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ [التحريم / ١٢]، أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً [الزمر / ٩]، اقْنُتِي لِرَبِّكِ
[آل عمران / ٤٣]، وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ
[الأحزاب / ٣١]، وقال : وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ
[الأحزاب / ٣٥]، فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ [النساء / ٣٤].
قنط
القُنُوطُ : اليأس من الخير. يقال : قَنَطَ يَقْنِطُ قُنُوطاً، وقَنِطَ يَقْنَطُ «٣». قال تعالى : فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ
[الحجر / ٥٥]، قال : وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ
[الحجر / ٥٦]، وقال : يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
[الزمر / ٥٣]، وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ
[فصلت / ٤٩]، إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ
[الروم / ٣٦].
قنع
القَنَاعَةُ : الاجتزاء باليسير من الأعراض المحتاج إليها. يقال : قَنِعَ يَقْنَعُ قَنَاعَةً وقَنَعَاناً :
إذا رضي، وقَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعاً : إذا سأل «٤». قال تعالى : وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
[الحج / ٣٦]. قال بعضهم «٥» : الْقَانِعُ هو السّائل الذي لا يلحّ في السّؤال، ويرضى بما يأتيه عفوا، قال الشاعر :
(١) شطر من حديث معاوية بن الحكم السلمي الطويل، وفيه : ثم قال صلّى اللّه عليه وسلم :«إنّ هذه الصلاة لا يحلّ فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن...» إلخ. أخرجه مسلم برقم (٥٣٧)، والنسائي ٣ / ١٤، وأبو داود برقم (٩٣٠)، وانظر : شرح السنة ٣ / ٢٣٨.
(٢) الحديث عن جابر قال : قيل للنبي صلّى اللّه عليه وسلم : أيّ الصلاة أفضل؟ قال :«طول القنوت». أخرجه مسلم برقم (٧٥٦)، والترمذي (انظر : عارضة الأحوذي ٢ / ١٧٨).
(٣) انظر : الأفعال ٢ / ١١٧.
(٤) وفي ذلك أنشد بعضهم :
العبد حرّ إن قنع والحرّ عبد إن قنع
فاقنع ولا تقنع فما شيء يشين سوى الطمع
(٥) هو الزجاج في معاني القرآن ٣ / ٤٢٨.