المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٩٣
[المائدة / ٦٦] ولم يأمر تعالى بالصلاة حيثما أمر، ولا مدح بها حيثما مدح إلّا بلفظ الإقامة، تنبيها أنّ المقصود منها توفية شرائطها لا الإتيان بهيئاتها، نحو : أَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة / ٤٣]، في غير موضع وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ [النساء / ١٦٢].
وقوله : وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى
[النساء / ١٤٢] فإنّ هذا من القيام لا من الإقامة، وأمّا قوله : رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ [إبراهيم / ٤٠] أي : وفّقني لتوفية شرائطها، وقوله : فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ [التوبة / ١١] فقد قيل : عني به إقامتها بالإقرار بوجوبها لا بأدائها، والمُقَامُ يقال للمصدر، والمكان، والزّمان، والمفعول، لكن الوارد في القرآن هو المصدر نحو قوله : إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً
[الفرقان / ٦٦]، والمُقَامةُ :
الإقامة، قال : الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ [فاطر / ٣٥] نحو : دارُ الْخُلْدِ [فصلت / ٢٨]، وجَنَّاتِ عَدْنٍ [التوبة / ٧٢] وقوله : لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا
[الأحزاب / ١٣]، من قام، أي : لا مستقرّ لكم، وقد قرئ :
لا مُقامَ لَكُمْ
«١» من : أَقَامَ. ويعبّر بالإقامة عن الدوام. نحو : عَذابٌ مُقِيمٌ
[هود / ٣٩]، وقرئ : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ «٢» [الدخان / ٥١]، أي : في مكان تدوم إقامتهم فيه، وتَقْوِيمُ الشيء : تثقيفه، قال : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين / ٤] وذلك إشارة إلى ما خصّ به الإنسان من بين الحيوان من العقل والفهم، وانتصاب القامة الدّالّة على استيلائه على كلّ ما في هذا العالم، وتَقْوِيمُ السّلعة : بيان قيمتها. والقَوْمُ : جماعة الرّجال في الأصل دون النّساء، ولذلك قال : لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ الآية [الحجرات / ١١]، قال الشاعر :
٣٨١ -
أقوم آل حصن أم نساء
«٣» وفي عامّة القرآن أريدوا به والنّساء جميعا، وحقيقته للرّجال لما نبّه عليه قوله : الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ الآية [النساء / ٣٤].
قوى
القُوَّةُ تستعمل تارة في معنى القدرة نحو قوله
(١) وهي قراءة حفص وحده، والباقون بفتح الميم. الإتحاف ص ٣٥٣.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب.
(٣) عجز بيت لزهير، وصدره :
وما أدري وسوف إخال أدري
وهو من قصيدة مطلعها :
عفا من آل فاطمة الجواء فيمن فالقوادم فالحساء
وهو في ديوانه ص ١٢، واللسان (قوم).