المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٠٠
فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ... الآية [النساء / ٦٩] وقوله : ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها
[الكهف / ٤٩] فقيل إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال العباد. وقوله :
إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها
[الحديد / ٢٢] قيل : إشارة إلى اللّوح المحفوظ، وكذا قوله : إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج / ٧٠]، وقوله : وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام / ٥٩]، فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً [الإسراء / ٥٨]، لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ [الأنفال / ٦٨] يعني به ما قدّره من الحكمة، وذلك إشارة إلى قوله : كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ
[الأنعام / ٥٤] وقيل : إشارة إلى قوله : وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الأنفال / ٣٣]، وقوله : لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا
[التوبة / ٥١] يعني : ما قدّره وقضاه، وذكر «لنا» ولم يقل «علينا» تنبيها أنّ كلّ ما يصيبنا نعدّه نعمة لنا، ولا نعدّه نقمة علينا، وقوله : ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة / ٢١] قيل : معنى ذلك وهبها اللّه لكم، ثم حرّمها عليكم بامتناعكم من دخولها وقبولها، وقيل :
كتب لكم بشرط أن تدخلوها، وقيل : أوجبها عليكم، وإنما قال :«لكم» ولم يقل :«عليكم» لأنّ دخولهم إيّاها يعود عليهم بنفع عاجل وآجل، فيكون ذلك لهم لا عليهم، وذلك كقولك لمن يرى تأذّيا بشيء لا يعرف نفع مآله :
هذا الكلام لك لا عليك، وقوله : وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا [التوبة / ٤٠] جعل حكمهم وتقديرهم ساقطا مضمحلّا، وحكم اللّه عاليا لا دافع له ولا مانع، وقال تعالى : وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ [الروم / ٥٦] أي : في علمه وإيجابه وحكمه، وعلى ذلك قوله : لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ
[الرعد / ٣٨]، وقوله : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ
[التوبة / ٣٦] أي :
في حكمه. ويعبّر بِالْكِتَابِ عن الحجّة الثابتة من جهة اللّه نحو : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ
[الحج / ٨]، أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ [الزخرف / ٢١]، فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ
[الصافات / ١٥٧]، أُوتُوا الْكِتابَ [البقرة / ١٤٤] «١»، كِتابَ اللَّهِ [النساء / ٢٤]، أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً [فاطر / ٤٠]، فَهُمْ يَكْتُبُونَ [الطور / ٤١] فذلك إشارة إلى العلم والتّحقّق والاعتقاد، وقوله : وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
[البقرة / ١٨٧] إشارة في تحرّي النّكاح إلى لطيفة، وهي
(١) الآية : وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ.