المفردات في غريب القرآن، ص : ٧١٨
وقيل : لم يعن بقوله :«كِفْلَيْنِ» أي : نعمتين اثنتين بل أراد النّعمة المتوالية المتكفّلة بكفايته، ويكون تثنيته على حدّ ما ذكرنا في قولهم :(لبّيك وسعديك) «١»، وأما قوله : مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً إلى قوله : يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها
[النساء / ٨٥] فإنّ الكِفْلَ هاهنا ليس بمعنى الأوّل، بل هو مستعار من الْكِفْلِ «٢»، وهو الشيء الرّديء، واشتقاقه من الكِفْل «٣»، وهو أنّ الكفل لمّا كان مركبا ينبو براكبه صار متعارفا في كلّ شدّة، كالسّيساء : وهو العظم النّاتئ من ظهر الحمار، فيقال : لأحملنّك على الكفل، وعلى السّيساء «٤»، ولأركبنّك الحسرى الرّذايا «٥»، قال الشاعر :
٣٩١ -
وحملناهم على صعبة زو راء يعلونها بغير وطاء
«٦» ومعنى الآية : من ينضمّ إلى غيره معينا له في فعلة حسنة يكون له منها نصيب، ومن ينضمّ إلى غيره معينا له في فعلة سيئة يناله منها شدّة.
وقيل : الْكِفْلُ الْكَفِيلُ. ونبّه أنّ من تحرّى شرّا فله من فعله كفيل يسأله، كما قيل : من ظلم فقد أقام كفيلا بظلمه، تنبيها أنه لا يمكنه التّخلّص من عقوبته.
كفؤ
الكُفْءُ : في المنزلة والقدر، ومنه : الْكِفَاءُ لشقّة تنصح «٧» بالأخرى، فيجلّل بها مؤخّر البيت. يقال : فلان كفء لفلان في المناكحة، أو في المحاربة، ونحو ذلك. قال تعالى : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص / ٤] ومنه :
الْمُكَافَأَةُ. أي : المساواة والمقابلة في الفعل، وفلان كُفْؤٌ لك في المضادّة، والْإِكْفَاءُ : قلب الشيء كأنه إزالة المساواة، ومنه : الْإِكْفَاءُ في الشّعر «٨»، ومُكْفَأُ الوجه، أي : كاسد اللّون وكَفِيئُهُ، ويقال لنتاج الإبل ليست تامّة : كَفْأَةٌ «٩»، وجعل فلان إبله كَفْأَتَيْنِ : إذا لقح كلّ سنة قطعة منها.

_
(١) انظر : مادة (سعد). [.....]
(٢) الكفل من الرجال : الذي يكون في مؤخّر الحرب، إنما همته التأخر والفرار. انظر : تهذيب اللغة ١٠ / ٢٥٣.
(٣) لكن قال في اللسان : الكفل لا يشتقّ منه فعل ولا صفة.
(٤) يقال : اركب لكلّ حال سيساءه، والسيساء : ظهر الحمار، ومعناه : اصبر على كل حال. راجع : مجمع الأمثال ١ / ٣٠١.
(٥) الرذايا : جمع الرذيّ، وهو الذي أثقله المرض، والرذيّ من الإبل : المهزول الهالك الذي لا يستطيع براحا ولا ينبعث. اللسان (رذى).
(٦) البيت تقدّم في مادة (عتب).
(٧) أي : تخاط. يقال : نصحت الثوب : إذا خطته. والنّصاح : السلك يحاط به. انظر : اللسان (نصح).
(٨) الإكفاء في الشعر : أن ترفع قافية وتخفض أخرى. انظر : المجمل ٣ / ٧٨٨.
(٩) قال الصغاني : والكفأة والكفأة بالفتح والضم : نتاج الإبل سنة. العباب الزاخر (كفأ).


الصفحة التالية
Icon