المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٧٧
وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا [مريم / ٤٦] وتملّيت دهراً :
أبقيت، وتملّيت الثَّوبَ : تمتّعت به طويلا، وتملَّى بكذا : تمتّع به بملاوة من الدّهر، ومَلَاكَ اللّهُ غير مهموز : عمّرك، ويقال : عشت مليّا.
أي : طويلا، والملا مقصور : المفازة الممتدّة «١»، والمَلَوَانِ قيل : الليل والنهار، وحقيقة ذلك تكرّرهما وامتدادهما، بدلالة أنهما أضيفا إليهما في قول الشاعر :
٤٢٨ -
نهار وليل دائم ملواهما على كلّ حال المرء يختلفان
«٢» فلو كانا الليل والنهار لما أضيفا إليهما. قال تعالى : وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
[الأعراف / ١٨٣] أي : أمهلهم، وقوله :
الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ
[محمد / ٢٥] أي : أمهل، ومن قرأ : أملي لهم «٣» فمن قولهم : أَمْلَيْتُ الكتابَ أُمْلِيهِ إملاءً. قال تعالى : أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ
[آل عمران / ١٧٨]. وأصل أمليت : أمللت، فقلب تخفيفا قال تعالى : فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الفرقان / ٥]، وفي موضع آخر : فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ [البقرة / ٢٨٢].
منن
المَنُّ : ما يوزن به، يقال : مَنٌّ، ومنّان، وأَمْنَانٌ، وربّما أبدل من إحدى النّونين ألف فقيل : مَناً وأَمْنَاءٌ، ويقال لما يقدّر : ممنون كما يقال : موزون، والمِنَّةُ : النّعمة الثّقيلة، ويقال ذلك على وجهين : أحدهما : أن يكون ذلك بالفعل، فيقال : منَّ فلان على فلان : إذا أثقله بالنّعمة، وعلى ذلك قوله : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران / ١٦٤]، كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [النساء / ٩٤]، وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ
[الصافات / ١١٤]، يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ
[إبراهيم / ١١]، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا
[القصص / ٥]، وذلك على الحقيقة لا يكون إلّا للّه تعالى. والثاني : أن يكون ذلك بالقول، وذلك مستقبح فيما بين الناس إلّا عند كفران النّعمة، ولقبح ذلك قيل : المِنَّةُ تهدم الصّنيعة «٤»، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل : إذا كفرت النّعمة حسنت المنّة. وقوله : يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ
(١) انظر : المقصور والممدود للفراء ص ٤٨.
(٢) البيت في اللسان (ملا) دون نسبة. وهو لابن مقبل من قصيدة مطلعها :
ألا يا دار الحيّ بالسّبعان أملّ عليها بالبلى الملوان
وهو في ديوانه ص ٣٣٦، وجنى الجنتين ص ١٠٨.
(٣) وهي قراءة يعقوب، بضم الهمزة وكسر اللام، وسكون الياء، وقرأ أبو عمرو كذلك إلا أنّه فتح الياء. الإتحاف ص ٣٩٤.
(٤) انظر أمثال أبي عبيد ص ٦٦، ومجمع الأمثال ٢ / ٢٨٧، والمستقصى ١ / ٣٥٠.