المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٧٩
[إبراهيم / ٣٧]، (فمن) اقتضى التّبعيض، فإنه كان نزل فيه بعض ذرّيته، وقوله : مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ [النور / ٤٣] قال : تقديره أنه ينزّل من السّماء جبالا، فمن الأولى ظرف، والثانية في موضع المفعول، والثالثة للتّبيين كقولك : عنده جبال من مال. وقيل : يحتمل أن يكون قوله :
«من جبال» نصبا على الظّرف على أنه ينزّل منه، وقوله : مِنْ بَرَدٍ نصب. أي : ينزّل من السماء من جبال فيها بردا، وقيل : يصحّ أن يكون موضع من في قوله : مِنْ بَرَدٍ رفعا، ومِنْ جِبالٍ نصبا على أنه مفعول به، كأنه في التّقدير : وينزّل من السّماء جبالا فيها برد، ويكون الجبال على هذا تعظيما وتكثيرا لما نزل من السّماء. وقوله تعالى : فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة / ٤]، قال أبو الحسن : من زائدة «١»، والصّحيح أنّ تلك ليست بزائدة، لأن بعض ما يمسكن لا يجوز أكله كالدّم والغدد وما فيها من القاذورات المنهيّ عن تناولها.
منع
المنع يقال في ضدّ العطيّة، يقال : رجل مانع ومنّاع. أي : بخيل. قال اللّه تعالى : وَيَمْنَعُونَ
الْماعُونَ [الماعون / ٧]، وقال : مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ
[ق / ٢٥]، ويقال في الحماية، ومنه :
مكان منيع، وقد منع وفلان ذو مَنَعَة. أي : عزيز ممتنع على من يرومه. قال تعالى : أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
[النساء / ١٤١]، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ [البقرة / ١١٤]، ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ
[الأعراف / ١٢] أي : ما حملك؟
وقيل : ما الذي صدّك وحملك على ترك ذلك؟
يقال : امرأة منيعة كناية عن العفيفة. وقيل :
مَنَاعِ. أي : امنع، كقولهم : نَزَالِ. أي : انْزِلْ.
منى
المَنَى : التّقدير. يقال : مَنَى لك الماني، أي : قدّر لك المقدّر، ومنه : المَنَا الذي يوزن به فيما قيل، والمَنِيُّ للذي قدّر به الحيوانات. قال تعالى : أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى
[القيامة / ٣٧]، مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى
[النجم / ٤٦] أي : تقدّر بالعزّة الإلهية ما لم يكن منه، ومنه : المَنِيَّة، وهو الأجل المقدّر للحيوان، وجمعه : مَنَايا، والتَّمَنِّي : تقدير شيء في النّفس وتصويره فيها، وذلك قد يكون عن تخمين وظنّ، ويكون عن رويّة وبناء على أصل، لكن لمّا كان
(١) وعبارته : أدخل «من» كما أدخله في قوله : كان من حديث، وقد كان من مطر، وقوله : وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ وهو فيما فسّر : ينزّل من السماء جبالا فيها برد. انظر :
معاني القرآن لأبي الحسن الأخفش ١ / ٢٥٤.