المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٨٢
الإنسان في كلّ حال من التّحلُّل والنَّقص، فإن البشر ما دام في الدّنيا يموت جزءا فجزءا، كما قال الشاعر :
٤٣٠ -
يموت جزءا فجزءا
«١» وقد عَبَّرَ قوم عن هذا المعنى بِالْمَائِتِ، وفصلوا بين الميّت والمائت، فقالوا : المائت هو المتحلّل، قال القاضي عليّ بن عبد العزيز «٢» :
ليس في لغتنا مائت على حسب ما قالوه، والْمَيْتُ : مخفَّف عن الميِّت، وإنما يقال : موتٌ مائتٌ، كقولك : شِعْرٌ شَاعِرٌ، وسَيْلٌ سَائِلٌ، ويقال : بَلَدٌ مَيِّتٌ ومَيْتٌ، قال تعالى : فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ
[فاطر / ٩]، بَلْدَةً مَيْتاً
[الزخرف / ١١] وَالمَيْتةُ من الحَيوان : ما زال روحه بغير تذكية، قال : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة / ٣]، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً [الأنعام / ١٤٥] والْمَوَتَانُ بإزاء الحيوان، وهي الأرض التي لم تَحْيَ للزَّرع، وأرض مَوات. ووقع في الإبل مَوَتَانٌ كثير، وناقة مُميتةٌ، ومُميتٌ :
مات ولدها، وإِمَاتَةُ الخمر : كناية عن طَبْخها، والمُسْتَمِيتُ المتعرِّض للموت، قال الشاعر :
٤٣١ -
فأعطيت الجعالة مستميتا
«٣» والمَوْتَةُ : شِبه الجنون، كأنه من موْتِ العلم والعقل، ومنه : رجل مَوْتَانُ القلب، وامرأة مَوْتانةٌ.
موج
المَوْج في البحر : ما يعلو من غَوارب الماء.
قال تعالى : فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ
[هود / ٤٢]، يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ [النور / ٤٠] ومَاجَ كذا يَمُوجُ، وتَمَوَّجَ تَمَوُّجاً : اضطرب اضطرابَ الموج. قال تعالى : وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [الكهف / ٩٩].
ميد
المَيْدُ : اضطرابُ الشيء العظيم كاضطراب الأرض. قال تعالى : أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ
[النحل / ١٥]،

_
(١) لم أجده. [.....]
(٢) القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني، كان قاضي القضاة بالري، وهو من الفقهاء الشافعية. وصاحب القصيدة الشهيرة التي يقول فيها :
يقولون لي : فيك انقباض وإنما رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
توفي سنة ٣٦٦ ه. انظر : أخباره في وفيات الأعيان ٣ / ٢٧٨، وطبقات الشافعية ٣ / ٤٥٩، ومعجم الأدباء ١٤ / ١٤.
(٣) هذا شطر بيت لشقيق بن سليك الأسدي، وعجزه :
خفيف الحاذ من فتيان جرم
وهو في شرح الحماسة للتبريزي ٢ / ١٤٢، وقد تقدّم في مادة (جعل).


الصفحة التالية
Icon