المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٩٢
عاصيا، ونَجَّمْتُ المالَ عليه : إذا وَزَّعْتُهُ، كأنّك فرضت أن يدفع عند طلوع كلّ نَجْمٍ نصيباً، ثم صار متعارفا في تقدير دفعه بأيّ شيء قَدَّرْتَ ذلك. قال تعالى : وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
[النحل / ١٦]، وقال : فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ
[الصافات / ٨٨] أي : في علم النُّجُوم، وقوله : وَالنَّجْمِ إِذا هَوى
[النجم / ١]، قيل : أراد به الكوكب، وإنما خصّ الهُوِيَّ دون الطّلوع، فإنّ لفظة النَّجْم تدلّ على طلوعه، وقيل : أراد بِالنَّجْم الثُّرَيَّا، والعرب إذا أطلقتْ لفظَ النَّجم قصدتْ به الثُّرَيَّا. نحو :
طلع النَّجْمُ غُدَيَّه وابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّه «١»
وقيل : أراد بذلك القرآن المُنَجَّم المنزَّل قَدْراً فَقَدْراً، ويعني بقوله : هَوى نزولَهُ، وعلى هذا قوله :
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ
[الواقعة / ٧٥] فقد فُسِّرَ على الوجهين، والتَّنَجُّم : الحكم بالنّجوم، وقوله تعالى : وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ
[الرحمن / ٦] فَالنَّجْمُ : ما لا ساقَ له من النّبات، وقيل : أراد الكواكبَ.
نجو
أصل النَّجَاء : الانفصالُ من الشيء، ومنه : نَجَا فلان من فلان وأَنْجَيْتُهُ ونَجَّيْتُهُ. قال تعالى :
وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا
[النمل / ٥٣] وقال :
إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ
[العنكبوت / ٣٣]، وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
[البقرة / ٤٩]، فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
[يونس / ٢٣]، فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ
[الأعراف / ٨٣]، فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا [الأعراف / ٧٢]، وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما
[الصافات / ١١٥]، نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً [القمر / ٣٤ - ٣٥]، وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا [فصلت / ١٨]، وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ [هود / ٥٨]، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا
[مريم / ٧٢]، ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا [يونس / ١٠٣] والنَّجْوَةُ والنَّجَاةُ : المكان المُرتفِع المنفصل بارتفاعه عمّا حوله، وقيل : سمّي لكونه نَاجِياً من السَّيْل، وَنَجَّيْتُهُ : تركته بنَجْوة، وعلى هذا : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ
[يونس / ٩٢] ونَجَوْتُ قِشْرَ الشجرةِ، وجِلْدَ الشاةِ، ولاشتراكهما في ذلك قال الشاعر :
٤٣٣ -
فقلت انْجُوَا عنها نَجا الجلد إنه سيرضيكما منها سنام وغاربه
«٢»

_
(١) الشّكيّة : تصغير الشكوة، وذلك أنّ الثريا إذا طلعت هذا الوقت هبّت البوارح، ورمضت الأرض، وعطشت الرّعيان، فاحتاجوا إلى شكاء يستقون فيها لشفاههم. انظر : للسان (شكا)، والبصائر ٥ / ٢٠، ونقائض جرير والأخطل ص ٥١.
(٢) البيت لأبي الغمر الكلابي، وهو في شرح مقصورة ابن دريد لابن خالويه ص ٤٣٣، والمجمل ٣ / ٨٥٧، وخزانة [استدراك ] الأدب ٤ / ٣٥٨، والمقصور والممدود للفراء ص ٢٣، وغريب الحديث للخطابي ٢ / ٣٧٤، ولم يعرفه المحقق وقيل : هو لعبد الرحمن بن حسان يخاطب ضيفين طرقاه.


الصفحة التالية
Icon