المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٠٤
الاعْتِدَادُ به، ومن هذا تقول العرب : احفظوا أنساءكم «١». أي : ما من شأنه أن يُنْسَى، قال الشاعر :
٤٣٨ -
كَأَنَّ لَهَا فِي الأَرْضِ نِسْياً تَقُصُّهُ
«٢» وقوله تعالى : نَسْياً مَنْسِيًّا
[مريم / ٢٣]، أي : جارياً مَجْرَى النَّسْيِ القليلِ الاعْتِدَاد به وإن لم يُنْسَ، ولهذا عقبه بقوله :«مَنْسِيّاً»، لأنّ النَّسْيَ قد يقال لما يَقِلُّ الاعتِدادُ به وإن لم يُنْسَ، وقرئ : نسيا «٣» وهو مصدرٌ موضوعٌ مَوْضِعَ المفعولِ. نحو : عَصَى عِصِيّاً وعِصْيَاناً. وقوله تعالى : ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها
[البقرة / ١٠٦] فَإِنْسَاؤُهَا حَذْفُ ذِكْرِهَا عَنِ القلوبِ بقُوَّةٍ إلهيَّةٍ. والنِّسَاءُ والنِّسْوَان والنِّسْوَة جمعُ المرأةِ من غير لفظها، كالقومِ في جمعِ المَرْءِ، قال تعالى : لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ إلى قوله :
وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ [الحجرات / ١١] «٤»، نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ
[البقرة / ٢٢٣]، يا نِساءَ النَّبِيِّ [الأحزاب / ٣٢]، وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ
[يوسف / ٣٠]، ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ [يوسف / ٥٠] والنَّسَا :
عِرْقٌ، وتَثْنِيَتُهُ : نَسيان، وجمعه : أَنْسَاءٌ.
نسأ
النَّسْءُ : تأخيرٌ في الوقتِ، ومنه : نُسِئَتْ المرأةُ : إذا تأخَّرَ وقتُ حَيْضِهَا، فرُجِيَ حَمْلُهَا، وهي نسُوءٌ، يقال : نَسَأَ اللَّهُ في أَجَلِكَ، ونَسَأَ اللّهُ أَجَلَكَ. والنَّسِيئَةُ : بَيْعُ الشيء بالتَّأْخيرِ، ومنها النَّسِيءُ الذي كانت العَرَبُ تفعلُهُ، وهو تأخير بعض الأشهر الحُرُم إلى شهرٍ آخَرَ. قال تعالى :
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة / ٣٧]، وقرئ : ما ننسخ من آية أو نَنْسَأْهَا «٥» أي :
نُؤَخِّرْهَا، إمَّا بإنْسَائِهَا، وإمّا بإبْطالِ حُكْمِهَا.
وَالمِنْسَأُ : عصًا يُنْسَأُ به الشيءُ، أي : يُؤَخَّرُ. قال تعالى : تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ
[سبأ / ١٤] ونَسَأَتِ الإبلُ في ظَمَئِهَا يوماً أو يومين. أي : أَخَّرَتْ. قال الشاعر :
(١) قال ابن منظور : تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل : انظروا أنساءكم، تريد الأشياء الحقيرة التي ليست عندهم ببال، مثل العصا والقدح والشظاظ. أي : اعتبروها لئلا تنسوها في المنزل. اللسان (نسا).
(٢) الشطر للشنفرى، وعجزه :
على أمّها، وإن تخاطبك تبلت
وهو في المفضليات ص ١٠٩، واللسان : نسأ، والعباب : نسأ.
(٣) وهي قراءة حفص وحمزة. الإتحاف ص ٢٩٨.
(٤) الآية : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ، وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ....
(٥) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو. الإتحاف ص ١٤٥.